اضغط علي الاعلان لطلب الاتحاق بنا

متابعه علي الفيس بوك

السبت

الوسطية

نشرت من طرف : General  |  في   1:31 م

إنَّ مفهومَ الوسطية الحقيقيّ هو التمسُّكِ بجميع تعاليم الشريعة السّمحة بذاتها؛ لأنّ الإسلامَ بتعاليمه وشريعته يمثِّل الوسطيّةَ الحقيقيّة في العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملة.
فالوسطيةُ في العقيدةِ أن يُعبَد الله وحدَه لا شريكَ له، وأن تصرَفَ جميع أنواعِ العبادة له من غير شركٍ ولا كهَنوت ولا وسائطَ أو بِدَع، وقد قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
والوسطيّةُ في ذاتِ العبادةِ أن لا يُعبَد الله إلاّ بما شرعَه من طريقِ رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم، فالتقصيرُ فيها جفاءٌ وفِسق، والزيادةُ عليها بدعةٌ وغلوّ.
والوسطيّةُ في الولاء والبراء لا تحتاج إلى مزايدةٍ أو تحكُّم، فقد حَكَمها الله تعالى بقوله: لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8، 9]. وكذا الآياتُ المحكَمة والسُّنَن المفصّلة لطريقةِ التعامل مع غير المسلمين من حربيّين وذمّيّين ومعاهَدين ومستأمَنين ومن لم تبلُغه الدعوة أصلاً.
أمّا في الرجال والنساء فقد قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، وفي العلاقةِ بين الزوجين: إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]. وكذا في السلوك فإنَّ الذي قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [لقمان:33] هو الذي قال سبحانه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ [الأعراف:32].
فهذا هو الصّراط المستقيم الذي جاءت به الشريعةُ من الحملِ على الوسَط من غيرِ إفراط ولا تفريط، فمن خرَج عنه فقد خرجَ عن قَصد الشارع.
وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحثُّ على القصدِ في الأمورِ فقال لمعاذٍ رضي الله عنه لما أطالَ بالناس في الصلاة: « أفتَّان أنت يا معاذ؟! » رواه النسائي وأحمد (6) ، وقال: « سدِّدوا وقارِبوا، واغدُوا وروحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا » رواه البخاري (7) ، وردَّ على من أراد التبتُّلَ وهجرَ النساء والانقطاعَ للعبادة بقوله: « من رغِب عن سنّتي فليس منّي » رواه مسلم (8) . وقال الشاطبيّ رحمه الله: "فإنّ الخروجَ إلى الأطرافِ خارجٌ عن العدل، ولا تقومُ به مصلحةُ الخَلق، فإنّ طرفَ التشديد وطرفَ الانحلال كلاهما مَهلَكة" (9) .
أيّها المسلمون، إنّ شريعةَ الإسلام بذاتها وبكلِّ تفاصيلها هي الوسطُ، فليست بحاجةٍ إلى تخفيفٍ أو تنقيص، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]. وعليه فإنّ الواجبَ على المسلمين أن يعُوا هذه الحقيقةَ لئلاّ يُنتَقصَ عليهم دينُهم بحجَّة الوسطيّة، فالله تعالى قد حكَم فجعل شريعتَه هي الوسَط، فمن نقص أو زادَ فعن الوسطيّة قد حاد، وشريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]. ولكن يبقَى الفقهُ والعِلم الذي به يُعرَف الموقف الشرعيّ الصحيح من كلِّ واقِعة، وهذا هو دورُ العلماء الربانيِّين الراسخين في العلم بما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء، يعرِفون مرادَ الله من شرعِه، ويتّبعون الدليلَ وليس الهوى أو الفكرَ المجرَّد، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:43، 44].
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يوم الدين، منه نستمدُّ الهدايةَ للطريق القويم والصراط المستقيم، ونسأله أن يجنِّبَنا طُرُقَ الضّلالة، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملك الحقّ المبين، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الأمين، صلّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أمّا بعد: أيّها المسلمون، إنَّ الوسطيّةَ التي تلتزمُها الأمّةُ أو طائفةٌ منها هي التي تنجِيها بإذنِ الله من الأزماتِ وتُعينها على البقاء والثّبات، فقد كُسِر الخوارج كما دُحِرتِ المرجئة وإن كانوا في كلِّ عصرٍ ينبتُون، لكن سرعانَ ما يُهزَمون، إلاّ أنّ الأمّةَ الوسط باقيةٌ بمبادئها وثَباتها، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17].
وإنَّ المسلمَ المتمَسِّكَ بكتابِ ربِّه السائرَ على منهاجِ رسوله القاصدَ النجاةَ في الدّنيا والآخرة لا تصدُّه الفتَن عن دينه، فلا يتنازلُ عمّا لديه من حقٍّ لأنّ بعضَ من انتسبَ إليه أخطأَ في توظيفِه أو رجاءَ التقارُب مع أهلِ الهوى والضلال، فدينُ الله كامِل، وانتقاصُ جُزءٍ منه خشيةَ الفهمِ الخاطِئ تغييبٌ للوعي وسببٌ لخَلط المفاهيم، يُنتِج جيلاً مفرِطًا أو مفرِّطًا، يأخذ جانبًا من الدّين ويجعلُه هو الدّين.
وعليه فإنَّ الواجبَ على المربِّين والمصلِحين والإعلاميّين والقائمين على مناهجِ التعليم مراعاةُ ذلك وتبصير الناس بأمور دينهم وما يجبُ عليهم بالتبصير النافي للخَلط، لا أن تُوارَى النصوص أو تحوَّر، فإنَّ العلمَ الشّرعيَّ الصافي ضمانةٌ بإذنِ الله تعالى ضِدَّ الانحراف الفكريّ أيًّا كان اتِّجاهُه، وهذا هو التوازُن الذي اتَّسمَت به هذه الشريعة. وكما يحرُم التطبُّب ممَّن لا يُحسِنه والفتوى ممَّن لا يعلَمها فكذا يحرُم الخَوضُ في دينِ الله بلا علمٍ، واللهُ من وراءِ القصد.
هذا، وصلّوا وسلِّموا على مَن أمركم الله بالصّلاة والسّلام عليه في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ الميامين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات :

شعارنا


بسم الله الرحمن الرحيم قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) سورة البقرة
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) سورة أل عمران
نرحب بكم بموقع احباب رب العالمين

المتابعون حول العالم


( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) )

الترجمة

back to top