كل الموضيع الاسلاميه والحديث النبويه موجوده هنا

اضغط علي الاعلان لطلب الاتحاق بنا

متابعه علي الفيس بوك

الثلاثاء

ان الله يغفر لجميع خلقه إلا هؤلاء
رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ،



أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:



"تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"(1).



قال الإمام المحدِّث الكبير أبو داود السجستاني راوي الحديث: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَابْنُ عُمَرَ هَجَرَ ابْنًا لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، إِذَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ.

انتهى كلامه رحمه الله،



وقال العلامة السندي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود": (شَحْنَاء): مِنْ الشَّحْن أَيْ عَدَاوَة تَمْلَأ الْقَلْب (أَنْظِرُوا): أَيْ أَمْهِلُوا (حَتَّى يَصْطَلِحَا): أَيْ يَتَصَالَحَا وَيَزُول عَنْهُمَا الشَّحْنَاء (إِذَا كَانَتْ الْهِجْرَة لِلَّهِ) : أَيْ هِجْرَان الْمُسْلِم لِرِعَايَةِ حَقٍّ مِنْ حُقُوق اللَّه (فَلَيْسَ): ذَلِكَ الْهِجْرَة (مِنْ هَذَا): أَيْ الْوَعِيد الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث.



وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ"(2).



قال العلامة السندي في "شرح سنن ابن ماجه": قَوْله ( أَوْ مُشَاحِن ) فِي النِّهَايَة هُوَ الْمُعَادِي قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَرَادَ بِهِ صَاحِب الْبِدْعَة الْمُفَارِق لِجَمَاعَةِ الْأُمَّة وَقَالَ الطَّيِّبِي لَعَلَّ الْمُرَاد ذَمّ الْبِغْضَة الَّتِي تَقَع بَيْن الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِبَل النَّفْس الْأَمَارَة بِالسُّوءِ لَا لِلدِّينِ فَلَا يَأْمَن أَحَدهمْ أَذَى صَاحِبه مِنْ يَده وَلِسَانه لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْقِتَال وَمَا يُنْهَى عَنْهُ.



وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"(3).



قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري بشرح صحيح البخاري": (التناجش) : مِنْ النَّجْش وَهُوَ أَنْ يَزِيد فِي السِّلْعَة وَهُوَ لَا يُرِيد شِرَاءَهَا لِيَقَع غَيْره فِيهَا.

(1) أخرجه أحمد (2/400 ، رقم 9188) ، ومسلم (4/1987 ، رقم 2565) ، وأبو داود (4/279 ، رقم 4916) ، والترمذي (4/373 ، رقم 2023) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (12/477 ، رقم 5661). وأخرجه أيضًا: مالك (2/908 ، رقم 1618) ، والبخاري فى الأدب المفرد (ص 148 ، رقم 411).



(2)أخرجه ابن ماجه (رقم 1390) وحسنه الألباني في "المشكاة" ( 1306 - 1307 ).



(3)أخرجه مالك (2/907 ، رقم 1616) ، وأحمد (2/287 ، رقم 7845) ، والبخاري (5/1976 ، رقم 4849) ، ومسلم (4/1985 ، رقم 2563) ، وأبو داود (4/280 ، رقم 4917) ، والترمذي (4/356 ، رقم 1988) وقال : حسن صحيح . وأخرجه أيضًا : الطبراني فى الأوسط (8/222 ، رقم 8461) ، والبيهقي (7/180 ، رقم 13813).

ان الله يغفر لجميع خلقه إلا هؤلاء

ان الله يغفر لجميع خلقه إلا هؤلاء
رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ،



أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:



"تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"(1).



قال الإمام المحدِّث الكبير أبو داود السجستاني راوي الحديث: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَابْنُ عُمَرَ هَجَرَ ابْنًا لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، إِذَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ.

انتهى كلامه رحمه الله،



وقال العلامة السندي في "عون المعبود شرح سنن أبي داود": (شَحْنَاء): مِنْ الشَّحْن أَيْ عَدَاوَة تَمْلَأ الْقَلْب (أَنْظِرُوا): أَيْ أَمْهِلُوا (حَتَّى يَصْطَلِحَا): أَيْ يَتَصَالَحَا وَيَزُول عَنْهُمَا الشَّحْنَاء (إِذَا كَانَتْ الْهِجْرَة لِلَّهِ) : أَيْ هِجْرَان الْمُسْلِم لِرِعَايَةِ حَقٍّ مِنْ حُقُوق اللَّه (فَلَيْسَ): ذَلِكَ الْهِجْرَة (مِنْ هَذَا): أَيْ الْوَعِيد الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث.



وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ"(2).



قال العلامة السندي في "شرح سنن ابن ماجه": قَوْله ( أَوْ مُشَاحِن ) فِي النِّهَايَة هُوَ الْمُعَادِي قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَرَادَ بِهِ صَاحِب الْبِدْعَة الْمُفَارِق لِجَمَاعَةِ الْأُمَّة وَقَالَ الطَّيِّبِي لَعَلَّ الْمُرَاد ذَمّ الْبِغْضَة الَّتِي تَقَع بَيْن الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِبَل النَّفْس الْأَمَارَة بِالسُّوءِ لَا لِلدِّينِ فَلَا يَأْمَن أَحَدهمْ أَذَى صَاحِبه مِنْ يَده وَلِسَانه لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْقِتَال وَمَا يُنْهَى عَنْهُ.



وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"(3).



قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري بشرح صحيح البخاري": (التناجش) : مِنْ النَّجْش وَهُوَ أَنْ يَزِيد فِي السِّلْعَة وَهُوَ لَا يُرِيد شِرَاءَهَا لِيَقَع غَيْره فِيهَا.

(1) أخرجه أحمد (2/400 ، رقم 9188) ، ومسلم (4/1987 ، رقم 2565) ، وأبو داود (4/279 ، رقم 4916) ، والترمذي (4/373 ، رقم 2023) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (12/477 ، رقم 5661). وأخرجه أيضًا: مالك (2/908 ، رقم 1618) ، والبخاري فى الأدب المفرد (ص 148 ، رقم 411).



(2)أخرجه ابن ماجه (رقم 1390) وحسنه الألباني في "المشكاة" ( 1306 - 1307 ).



(3)أخرجه مالك (2/907 ، رقم 1616) ، وأحمد (2/287 ، رقم 7845) ، والبخاري (5/1976 ، رقم 4849) ، ومسلم (4/1985 ، رقم 2563) ، وأبو داود (4/280 ، رقم 4917) ، والترمذي (4/356 ، رقم 1988) وقال : حسن صحيح . وأخرجه أيضًا : الطبراني فى الأوسط (8/222 ، رقم 8461) ، والبيهقي (7/180 ، رقم 13813).

نشر في : 12:13 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

موقف الإسلام من نصرة الضعفاء والمحتاجين  
نصرة الضعفاء والمحتاجين من الأخلاق الحميدة التي لابد لقيام أي مجتمع من المجتمعات من هذا الخلق الكريم، فحينما نمعن النظر في كتب السنة فسنري أن هذا الخلق الكريم موجود عن أهل الجاهلية.

ومن ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم: " يا معشر الأنصار كنتم في الجاهلية أن لا تعبدون الله تحملون الكل وتفعلون في أموالكم المعروف وتفعلون إلى ابن سبيل" حتى إذا من الله عليكم بالإسلام ونبيه إذ أنتم وتحصون أموالكم، وفيما يأكل ابن آدم أجر.

ومما يستفاد من هذا الحديث أن العرب قبل إسلامهم كانوا ينصرون الكل والكل هو من لا يستقل بأمره. أي من يحتاج إلى مساعدة غيره، وأنهم كانوا يساعدون ابن سبيل.

وحديث بدء الوحي المشهور قد جاء فيه قول سيدتنا خديجة موجها إلى الرسول صلي الله عليه وسلم: ( كلا والله ما يخزيك الله أبدا، وأنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق).

يفهم من هذا الحديث أن حمل الكل وكسب المعدوم والإعانة على نوائب الحق من الأخلاق المعروفة والممدوحة لدي العرب حتى قبل الإسلام.

موقف الإسلام من إعانة الضعفاء والمحتاجين.

وقد أمر الشارع الحكيم بإعانة الضعفاء والمحتاجين.

فقد روي مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسرعلى معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .. الخ

يبن الرسول صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث فضل إعانة المؤمن أخاه المؤمن في الدنيا، وكذلك فضل ستر عيوب المؤمن.

وروي مسلم أيضاً بسنده عن أبي هريرة عن محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم.

فذكر أحاديث منها. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "كل سٌلامي من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس. قال: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة... الخ.

وقوله : وتعين الرجل في دابته فتحمله عليه أو ترفع له عليها مناعة صدقة" فيه حث إعانة الضعفاء والمحتاجين.

وقد بين الرسول صلي الله عليه وسلم أن الذي يعين على الأرملة والمسكين له أجر المجاهد في سبيل الله.

فقد روي البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار.

والمعروف أن الأرملة والمساكين داخل في الضعفاء والمحتاجين.

ومعني الساعي هنا هو الذي يذهب ويجئ في ما ينفع الأرملة والمسكين.
 

موقف الإسلام من نصرة الضعفاء والمحتاجين

موقف الإسلام من نصرة الضعفاء والمحتاجين  
نصرة الضعفاء والمحتاجين من الأخلاق الحميدة التي لابد لقيام أي مجتمع من المجتمعات من هذا الخلق الكريم، فحينما نمعن النظر في كتب السنة فسنري أن هذا الخلق الكريم موجود عن أهل الجاهلية.

ومن ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم: " يا معشر الأنصار كنتم في الجاهلية أن لا تعبدون الله تحملون الكل وتفعلون في أموالكم المعروف وتفعلون إلى ابن سبيل" حتى إذا من الله عليكم بالإسلام ونبيه إذ أنتم وتحصون أموالكم، وفيما يأكل ابن آدم أجر.

ومما يستفاد من هذا الحديث أن العرب قبل إسلامهم كانوا ينصرون الكل والكل هو من لا يستقل بأمره. أي من يحتاج إلى مساعدة غيره، وأنهم كانوا يساعدون ابن سبيل.

وحديث بدء الوحي المشهور قد جاء فيه قول سيدتنا خديجة موجها إلى الرسول صلي الله عليه وسلم: ( كلا والله ما يخزيك الله أبدا، وأنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق).

يفهم من هذا الحديث أن حمل الكل وكسب المعدوم والإعانة على نوائب الحق من الأخلاق المعروفة والممدوحة لدي العرب حتى قبل الإسلام.

موقف الإسلام من إعانة الضعفاء والمحتاجين.

وقد أمر الشارع الحكيم بإعانة الضعفاء والمحتاجين.

فقد روي مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسرعلى معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .. الخ

يبن الرسول صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث فضل إعانة المؤمن أخاه المؤمن في الدنيا، وكذلك فضل ستر عيوب المؤمن.

وروي مسلم أيضاً بسنده عن أبي هريرة عن محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم.

فذكر أحاديث منها. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "كل سٌلامي من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس. قال: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة... الخ.

وقوله : وتعين الرجل في دابته فتحمله عليه أو ترفع له عليها مناعة صدقة" فيه حث إعانة الضعفاء والمحتاجين.

وقد بين الرسول صلي الله عليه وسلم أن الذي يعين على الأرملة والمسكين له أجر المجاهد في سبيل الله.

فقد روي البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار.

والمعروف أن الأرملة والمساكين داخل في الضعفاء والمحتاجين.

ومعني الساعي هنا هو الذي يذهب ويجئ في ما ينفع الأرملة والمسكين.
 

نشر في : 12:08 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

هل تُؤذي الله وتسبّه دون أن تدري؟! 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: يُؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أُقلّب الليل والنهار" [البخاري ومسلم].

هذه عادة سيئة تتكرّر ليلا ونهارا، ويقوم بها كثير من العامة حتى بعض المثقّفين والمتديّنين، تجد الواحد منهم يسبّ الزمان، ويشتم اليوم، ويصفه بأوصاف لا تليق؛ فكثيرا ما تسمع "يا نهار أسود" أو "يخرب بيت سنينك"، "ده يوم فقر"، "يا سنة سودا"... إلى غير ذلك من المنكرات التي أوردناها فقط للتحذير منها.

وقد يقول قائل إن هذه أشياء بسيطة لا تستحق، ولكن هيا بنا نرجع إلى أصل القصة؛ حيث كان أهل الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة، أو مُنع عنهم شيء أرادوه أخذوا يسبّون الدهر ويلعنون الزمان، فيقول أحدهم: "قبّح الله الدهر الذي شتت شملنا"، و"لعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا"، وهي كلها عبارات تنمّ عن سخط على قدر الله وغضب من قضائه؛ فجاء هذا الحديث لردّ ما يقوله أهل الجاهلية، وليوضّح لهم ولجميع البشر حتى تقوم الساعة أن الإنسان حين يسبّ الدهر والزمان، فهو في الحقيقة يسبّ الذي فعل هذه الأمور وقدّرها، حتى وإن أضاف الفعل إلى الدهر، فإن الدهر لا يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وليست له القدرة على الضر والنفع، بل إن الله سبحانه هو من يقدّر ويقضي لخلقه، والفاعل هو ربُّ الدهر الذي يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويعزّ ويذل.. وأما الدهر فليس له من الأمر شيء، وهكذا يتبيّن أن سبّ الدهر أو الزمن أو اليوم أو الليلة هو سبب لمن قدر لهذا الإنسان الضر فيه، فهو يعترض على المقدّر، ولهذا كان هذا مؤذيا لله جل جلاله.

ولهذا أمثلة تقرب الموضوع أكثر، مثل أن يأمرك والدك مثلا بأن تفعل شيئا لا تحبّه، كأن تذهب معه مثلا مثلا إلى بيت جدك، وهناك وأمامه تظلّ تتفوّه وتقول: لعن الله هذا المكان، أنا أبغض هذا المكان، هذا الكلام بكل الأحوال راجع إلى والدك وكأنك تسبّه هو حيث هو مَن جاء بك.. هذا مثل بسيط جدا لتوضيح الأمر ولله المثل الأعلى.

وهنا قد يأتي سؤال: هل الدهر من أسماء الله تعالى؟ لقوله: "أنا الدهر".. الجواب أن هذا غير صحيح؛ فالله تعالى اختار لنفسه أسماء حسنى أي لا تقبل إلا أن تكون أحسن ما يكون، فلا يمكن أن يكون "الغافر" مثلا اسما من أسمائه الحسنى بل هو الغفور، أو العالي فهو العليّ، وهكذا والدهر ليس صفة أو فعلا أحسن ما يكون حتى يكون من أسماء الله والله أعلم.

وهنا يأتي سؤال آخر مهم: هل أذية الله كما ورد في نص الحديث: "يُؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر"، يجوز هذا بحق الله تعالى؟ والجواب أن كل أذية ليس بالضرورة أن تحتوي على قدرة على إحداث الضرر؛ فتعالى الله أن يضره إنسان أو ينفعه، فقد يتأذّى الإنسان بالقول القبيح أو الرائحة الكريهة، ولكنها لا تضرّه، وهنا شاهد بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ‌ةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}.

ماذا نتعلّم من هذا الحديث:
أن نتوقّف عن استعمال بعض الألفاظ التي قد تكون جارية على ألسنتنا لكنها خطيرة وإن لم نلقَ لها بالا، ونختار كلامنا وألفاظنا وفق ما يحبّه الله ويرضاه، من الممكن مثلا أن نقول حين يأتينا ما نكره: "قدّر الله وما شاء فعل"، فقد كان رسول الله إذا أتاه أمر يحبّه قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات"، وإذا أصابه ما يكره قال: "الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه"، برضا وطمأنينة وراحة بال؛ لأن الله العادل الرحيم الحكيم هو ما قدّره، فلنحافظ على ألسنتا وقلوبنا مما يغضب الله ويؤذيه. 

هل تُؤذي الله وتسبّه دون أن تدري؟!

هل تُؤذي الله وتسبّه دون أن تدري؟! 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: يُؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أُقلّب الليل والنهار" [البخاري ومسلم].

هذه عادة سيئة تتكرّر ليلا ونهارا، ويقوم بها كثير من العامة حتى بعض المثقّفين والمتديّنين، تجد الواحد منهم يسبّ الزمان، ويشتم اليوم، ويصفه بأوصاف لا تليق؛ فكثيرا ما تسمع "يا نهار أسود" أو "يخرب بيت سنينك"، "ده يوم فقر"، "يا سنة سودا"... إلى غير ذلك من المنكرات التي أوردناها فقط للتحذير منها.

وقد يقول قائل إن هذه أشياء بسيطة لا تستحق، ولكن هيا بنا نرجع إلى أصل القصة؛ حيث كان أهل الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة، أو مُنع عنهم شيء أرادوه أخذوا يسبّون الدهر ويلعنون الزمان، فيقول أحدهم: "قبّح الله الدهر الذي شتت شملنا"، و"لعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا"، وهي كلها عبارات تنمّ عن سخط على قدر الله وغضب من قضائه؛ فجاء هذا الحديث لردّ ما يقوله أهل الجاهلية، وليوضّح لهم ولجميع البشر حتى تقوم الساعة أن الإنسان حين يسبّ الدهر والزمان، فهو في الحقيقة يسبّ الذي فعل هذه الأمور وقدّرها، حتى وإن أضاف الفعل إلى الدهر، فإن الدهر لا يفعل شيئا من تلقاء نفسه، وليست له القدرة على الضر والنفع، بل إن الله سبحانه هو من يقدّر ويقضي لخلقه، والفاعل هو ربُّ الدهر الذي يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويعزّ ويذل.. وأما الدهر فليس له من الأمر شيء، وهكذا يتبيّن أن سبّ الدهر أو الزمن أو اليوم أو الليلة هو سبب لمن قدر لهذا الإنسان الضر فيه، فهو يعترض على المقدّر، ولهذا كان هذا مؤذيا لله جل جلاله.

ولهذا أمثلة تقرب الموضوع أكثر، مثل أن يأمرك والدك مثلا بأن تفعل شيئا لا تحبّه، كأن تذهب معه مثلا مثلا إلى بيت جدك، وهناك وأمامه تظلّ تتفوّه وتقول: لعن الله هذا المكان، أنا أبغض هذا المكان، هذا الكلام بكل الأحوال راجع إلى والدك وكأنك تسبّه هو حيث هو مَن جاء بك.. هذا مثل بسيط جدا لتوضيح الأمر ولله المثل الأعلى.

وهنا قد يأتي سؤال: هل الدهر من أسماء الله تعالى؟ لقوله: "أنا الدهر".. الجواب أن هذا غير صحيح؛ فالله تعالى اختار لنفسه أسماء حسنى أي لا تقبل إلا أن تكون أحسن ما يكون، فلا يمكن أن يكون "الغافر" مثلا اسما من أسمائه الحسنى بل هو الغفور، أو العالي فهو العليّ، وهكذا والدهر ليس صفة أو فعلا أحسن ما يكون حتى يكون من أسماء الله والله أعلم.

وهنا يأتي سؤال آخر مهم: هل أذية الله كما ورد في نص الحديث: "يُؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر"، يجوز هذا بحق الله تعالى؟ والجواب أن كل أذية ليس بالضرورة أن تحتوي على قدرة على إحداث الضرر؛ فتعالى الله أن يضره إنسان أو ينفعه، فقد يتأذّى الإنسان بالقول القبيح أو الرائحة الكريهة، ولكنها لا تضرّه، وهنا شاهد بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ‌ةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}.

ماذا نتعلّم من هذا الحديث:
أن نتوقّف عن استعمال بعض الألفاظ التي قد تكون جارية على ألسنتنا لكنها خطيرة وإن لم نلقَ لها بالا، ونختار كلامنا وألفاظنا وفق ما يحبّه الله ويرضاه، من الممكن مثلا أن نقول حين يأتينا ما نكره: "قدّر الله وما شاء فعل"، فقد كان رسول الله إذا أتاه أمر يحبّه قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات"، وإذا أصابه ما يكره قال: "الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه"، برضا وطمأنينة وراحة بال؛ لأن الله العادل الرحيم الحكيم هو ما قدّره، فلنحافظ على ألسنتا وقلوبنا مما يغضب الله ويؤذيه. 

نشر في : 12:01 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

الأحد

إحذروا الكيس المثقوب❓❓

نشر في : 1:44 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

السبت

حصرى الخطب المكتوبه للشيخ محمد حسان مكتبه متجددة
اقدم لكم اليوم مكتبه الشيخ محمد حسان المتجدده للخطب المكتوبه لفضيله الشيخ محمد حسان
كل خطب الشيخ محمد حسان مكتوبه باذن الله

اولا خطبه طريق الهدايه من الخطب المكتوبه للشيخ محمد حسان



بسم الله الرحمن الرحيم.
طريق الهداية
إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
آل عمران102

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70 } يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب71،70 ].

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار(1) .

ثم أما بعد ..

فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة التي طال والله شوقنا إليها ، وزكى الله هذه الأنفس الكريمة التي انصهرنا معها في بوتقة الحب في الله ، وشرح الله هذه الصدور العامرة، التي جمعنا بها الإيمان بالله .

طبتم وطاب ممشاكم – أيها الإخوة والأخوات - وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله – جل وعلا – الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفي r في جنته ودار مقامته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

أحبتي في الله .. طريق الهداية :

هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم ، في هذا اليوم الكريم المبارك ، وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا ، فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الأهم في العناصر المحددة التالية :

أولاً : أقسام الهداية .

ثانيا : أسباب الهداية .

ثالثاً : علامات الهداية .

وأخيرا : عقبات في طريق الهداية .

فأعرني قلبك ، وسمعك أيها الحبيب اللبيب ، والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

أولا : أقسام الهداية :

أيها الأحبة : إن أعظم وأشرف وأجل نعمة يمتن الله – جل وعلا -= بها على عباده نعمة الهداية نعمة الهداية للإيمان والتوحيد ، بل لقد افترض الله – جل وعلا – على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة ، فما من ركعة وإلا تتضرع فيها إلى الله أن يهديك إلى الصراط المستقيم بقولك :{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }[الفاتحة/6].

فما هي الهداية وما أقسام الهداية ؟

الهداية في اللغة : هي الدلالة أو الدلالة بالكسر والفتح للدال واللغتان صحيحتان، الهداية هي الدلالة والتعريف والإرشاد والبيان وهي تنقسم إلى أربعة أقسام :

القسم الأول : الهداية العامة :

وهي مأخوذة من قول ربي حين سأل فرعون موسى وهارون عن ربهما قال فرعون : {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى } [طه/49] فأجابه موسى بقوله : {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه/50] هذه هي الهداية العامة {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}.

أي : ربنا الذي خلق كل شيء على صورته ، وشكله اللائق به ، الذي يؤهله ويعينه على أداء المنفعة والمصلحة والمهمة التي خلق من أجلها .

فالعين مثلا خلقها الله بهذه الصورة البديعة والشكل الجميل ، وهيأها للإبصار ، فخلقها في علبة عظيمة قوية حتى لا تتلف ، وأحاطها بالرموش لتدفع الرموش عن العين ضوء ، وأحاطها بأهداب لتمنع الأهداب العرق من أن يتساقط إلى داخل العين ، ثم أمدها بماء مالح لتحفظ العين من الأتربة والميكروبات .

والأذن مثلا خلقها الله – عز وجل – بهذا الشكل البديع الجميل في هذا التجويف العظمي الداخلي في الرأس ، ثم أحاطها من الخارج بهذا الصوان الخارجي الجميل ، وهيأها للسمع حتى في النوم ، وأمدها بماء مر حتى لا تتسرب الحشرات إليها وأنت نائم .

والفم مثلا ، خلقه الله بهذا الشكل البديع الذي يؤهله للطعام والكلام فالشفتان تنفرجان للطعام ، دون أمر منك لهما بالانفراج والقواطع تقطع والأنياب تمزق، والضروس تطحن، واللعاب يسهل ، واللسان يتحرك هنا وهنالك لتيسير المضغ وكذلك للكلام.

كل هذا خلق من ؟ كل هذا صنع من ؟ كل هذا هدى من ؟

لله في الآفاق آيات
ولعل ما في النفس من آياته
الكون مشحونٌ بأسرار
قل للطبيب تخطفته يد الردى
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
قل للصحيح مات لا من علة
بل سائل الأعمى خطا وسط الزحام
بل سائل البصير كان يحذر حُفرة
وسل الجنين يعيش معزولا بلا
وإذ ترى الثعبان ينفث سمه فسله
واسأله كيف تعيش يا ثعبان
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت
بل سائل اللبن المصفى من ببين فرث
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
وإذا رأيت البدر يسرى ناشرا
وإذا رأيت النار شب لهيبها
وإذ ترى الجبل الأشم مناطحا
لله في الآفاق آيات
ولعل ما في النفس من آياته



لعل أقلها هو ما إليه هداك
عجب عجاب لو ترى عيناك
إذا حاولت تفسيرا لها أعياك
يا مداوى الأمراض من أرداك
عجزت فنُونُ الطب من عافاك
من يا صحيحُ بالمنايا دهاك
بلا اصطدام من يا أعمى يقود خطاك
فهوى بها من ذا الذي أهواك
راعٍ ومرعى من ذا الذي يرعاك
من يا ثعبان بالسموم حشاك
أو تحيا وهذا السم يملأ فاك
شهدا وقل للشهد من حلاك
ودم من ذا الذي صفاك
فاسأله من يا نخل شق نواك
أنواره فاسأله من أسراك
فاسأل لهيب النار من أوراك
قمم السحاب فسله من أرساك
لعل أقلها هو ما إليه هداك
عجب عجاب لو ترى عيناك




أإله مع الله ؟!!

قال ابن القيم : من تأمل بعض هداياته في خلقه لعلم أنه الإله الواحد الحق الذي يستحق أن يوحد ويستحق أن يعبد بلا منازع أو شريك { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }[طه/50] أي : ثم هداه إلى ما يصلحه ، ويؤهله للقيام بالوظيفة التي خلق من أجلها ووجد من أجلها ، هذه هي الهداية العامة لو تدبرت كل شيء في الكون لوصلت إليها .

بل لقد أضاف العلامة الألوسي في (( روح المعاني )) إضافة جديدة جميلة للآية فقال : { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }[طه/50] قال ربنا الذي خلق كل شيء على صورته وشكله اللائق به وجعل هذا الشيء دليلاً على وجوده .

ففي كل شيء له آية
سل الواحة الخضراء والماء جاريا
ولو جُن هذا الليل وامتد سرمدا



تدل على أنه الواحد
سل الليل والإصباح والطير شاديا
فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا




لا أريد أن أطيل النفس مع كل عنصر وإلا فورب الكعبة إن كل عنصر من عناصر اللقاء يحتاج إلى لقاء .

الهداية العامة :

ثانيا : من أقسام الهداية : هداية الدلالة والبيان والتعريف والإرشاد :

ومعناها : أن الله – جل وعلا – خلق الإنسان وأرشده ودله وهداه وعرفه طريق الخير والشر .

تدبر كل لفظة خلق الله الإنسان ودله وأرشده وبين له وعرفه طريقي الخير والشر.

قال تعالى : {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }[البلد/10] أي : الطريقين : طريق الخير وطريق الشر .

قال تعالى : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }[الإنسان/3]

قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [ الشمس/7-10]

ومع ذلك من رحمة الله بنا أن الله لم يعذب خلقه بعد هذه الهداية أي : بعد هداية الدلالة، بل أرسل الله إلى الخلق الرسل والأنبياء ، وأنزل الله عليهم الكتب ، ليأخذ الرسل والأنبياء بيد البشر من ظلام الشرك والوثنية إلى أنوار التوحيد والإيمان برب البرية ، ليدل الرسل والأنبياء البشر على الحق تبارك وتعالى وقال – جل وتعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }[الإسراء/15] .

وقال سبحانه: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[ النساء/165] .

وقال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [هود/61] ، قال تعالى : {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [هود/50] .

قال تعالى : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [ هود/84] .

وبالجملة : قال تعالى : {َإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ }[فاطر/24] .

فالله – جل وعلا – لا يعذب عباده إلا بعد أن يقيم الحجة عليهم ببعثه الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك من رحمة الله بخلقه أن أبقى في كل أمة بعد رسولها ورثة لهذا النبي ، وهذا الرسول ، إنهم ورثة الأنبياء ، إنهم الدعاة المصلحون ، إنهم المخلصون المنصفون ، الآمرون بالمعروف بمعروف ، والناهون عن المنكر بغير منكر ، إنهم الشموع التي تحترق ، لتضيء للأمة طريق ربها ونبيها ، إنهم العلماء الربانيون ، والدعاة الصادقون ، فهؤلاء أيضا بعد الرسل يدلون الخلق على الحق ، ويأخذون بأيدي البشر إلى طريق رب البشر ، والسير على طريق سيد البشر r .

قال رسول الله r كما في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود : (( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب )) .. اللهم اجعلنا من حواري رسول الله r ((إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ))(1) .

إذا هداية الدلالة يؤديها العلماء بعد الرسل والأنبياء ، لأنهم ورثة الرسل والأنبياء قال تعالى لنبينا: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف/108].

قال ابن القيم : ولا يكون الرجل من أتباع النبي r حقا حتى يدعو إلى ما دعا إليه النبي r على بصيرة .

هذه هي هداية الدلالة .

ثالثا : هداية التوفيق : وهذه لا يملكها مَلَكّ مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولو كان المصطفى r، لا يملك هداية التوفيق إلا الله ، نعم ! لا يملك هداية التوفيق إلا الله ، ما عليك فقط إلا أن تبحث عن هداية الدلالة ، عن الأسباب ، وأن تجاهد ، وأن تسأل ربك الهدى ليرزقك هداية التوفيق .

ما هي هداية التوفيق ؟

أن يوفقك الله – جل وعلا – لتوحيده والإيمان به والسير على صراطه المستقيم ، ليست بيدك ولا بيدي ، ليتعلم العلماء والدعاة الأدب مع الله فوظيفتي ، ووظيفتك الإنذار والبلاغ ، أما القلوب ، فإنها بيد علام الغيوب .

ما عليك إلا أن تبذر بذراً صحيحاً على القرآن والسنة ، وأن تدع النتائج بعد ذلك إلى الله ، فليس من شأننا أن نقاضي العباد وإنما هذا شأن الله – سبحانه وتعالى – الذي يحاسب الخلق على كل صغيرة وكبيرة .

ولو كانت هداية التوفيق بيد المصطفى r لهدى النبي r عمه أبا طالب الذي تفطر قلب النبي r من أجل هدايته ، لأن أبا طالب كان يشكل حائط صد منيع ، طالما تحطمت عليه سيوف ورماح أهل الشرك في مكة أحاط النبي r بكل ما يملك ، ومع ذلك، فلم يستطع النبي هدايته أبدا ، هو بذل له هداية الدلالة ، وهي المرادة في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }[الشورى/52] .

أما هداية التوفيق قال الله فيها لنبيه :{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}[ القصص/56] ....................

للشيخ محمد حسان

حصرى الخطب المكتوبه للشيخ محمد حسان مكتبه متجددة
اقدم لكم اليوم مكتبه الشيخ محمد حسان المتجدده للخطب المكتوبه لفضيله الشيخ محمد حسان
كل خطب الشيخ محمد حسان مكتوبه باذن الله

اولا خطبه طريق الهدايه من الخطب المكتوبه للشيخ محمد حسان



بسم الله الرحمن الرحيم.
طريق الهداية
إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
آل عمران102

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70 } يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب71،70 ].

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار(1) .

ثم أما بعد ..

فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة التي طال والله شوقنا إليها ، وزكى الله هذه الأنفس الكريمة التي انصهرنا معها في بوتقة الحب في الله ، وشرح الله هذه الصدور العامرة، التي جمعنا بها الإيمان بالله .

طبتم وطاب ممشاكم – أيها الإخوة والأخوات - وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله – جل وعلا – الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفي r في جنته ودار مقامته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

أحبتي في الله .. طريق الهداية :

هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم ، في هذا اليوم الكريم المبارك ، وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا ، فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الأهم في العناصر المحددة التالية :

أولاً : أقسام الهداية .

ثانيا : أسباب الهداية .

ثالثاً : علامات الهداية .

وأخيرا : عقبات في طريق الهداية .

فأعرني قلبك ، وسمعك أيها الحبيب اللبيب ، والله أسأل أن يهدينا جميعا إلى صراطه المستقيم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

أولا : أقسام الهداية :

أيها الأحبة : إن أعظم وأشرف وأجل نعمة يمتن الله – جل وعلا -= بها على عباده نعمة الهداية نعمة الهداية للإيمان والتوحيد ، بل لقد افترض الله – جل وعلا – على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة ، فما من ركعة وإلا تتضرع فيها إلى الله أن يهديك إلى الصراط المستقيم بقولك :{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }[الفاتحة/6].

فما هي الهداية وما أقسام الهداية ؟

الهداية في اللغة : هي الدلالة أو الدلالة بالكسر والفتح للدال واللغتان صحيحتان، الهداية هي الدلالة والتعريف والإرشاد والبيان وهي تنقسم إلى أربعة أقسام :

القسم الأول : الهداية العامة :

وهي مأخوذة من قول ربي حين سأل فرعون موسى وهارون عن ربهما قال فرعون : {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى } [طه/49] فأجابه موسى بقوله : {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه/50] هذه هي الهداية العامة {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}.

أي : ربنا الذي خلق كل شيء على صورته ، وشكله اللائق به ، الذي يؤهله ويعينه على أداء المنفعة والمصلحة والمهمة التي خلق من أجلها .

فالعين مثلا خلقها الله بهذه الصورة البديعة والشكل الجميل ، وهيأها للإبصار ، فخلقها في علبة عظيمة قوية حتى لا تتلف ، وأحاطها بالرموش لتدفع الرموش عن العين ضوء ، وأحاطها بأهداب لتمنع الأهداب العرق من أن يتساقط إلى داخل العين ، ثم أمدها بماء مالح لتحفظ العين من الأتربة والميكروبات .

والأذن مثلا خلقها الله – عز وجل – بهذا الشكل البديع الجميل في هذا التجويف العظمي الداخلي في الرأس ، ثم أحاطها من الخارج بهذا الصوان الخارجي الجميل ، وهيأها للسمع حتى في النوم ، وأمدها بماء مر حتى لا تتسرب الحشرات إليها وأنت نائم .

والفم مثلا ، خلقه الله بهذا الشكل البديع الذي يؤهله للطعام والكلام فالشفتان تنفرجان للطعام ، دون أمر منك لهما بالانفراج والقواطع تقطع والأنياب تمزق، والضروس تطحن، واللعاب يسهل ، واللسان يتحرك هنا وهنالك لتيسير المضغ وكذلك للكلام.

كل هذا خلق من ؟ كل هذا صنع من ؟ كل هذا هدى من ؟

لله في الآفاق آيات
ولعل ما في النفس من آياته
الكون مشحونٌ بأسرار
قل للطبيب تخطفته يد الردى
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
قل للصحيح مات لا من علة
بل سائل الأعمى خطا وسط الزحام
بل سائل البصير كان يحذر حُفرة
وسل الجنين يعيش معزولا بلا
وإذ ترى الثعبان ينفث سمه فسله
واسأله كيف تعيش يا ثعبان
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت
بل سائل اللبن المصفى من ببين فرث
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
وإذا رأيت البدر يسرى ناشرا
وإذا رأيت النار شب لهيبها
وإذ ترى الجبل الأشم مناطحا
لله في الآفاق آيات
ولعل ما في النفس من آياته



لعل أقلها هو ما إليه هداك
عجب عجاب لو ترى عيناك
إذا حاولت تفسيرا لها أعياك
يا مداوى الأمراض من أرداك
عجزت فنُونُ الطب من عافاك
من يا صحيحُ بالمنايا دهاك
بلا اصطدام من يا أعمى يقود خطاك
فهوى بها من ذا الذي أهواك
راعٍ ومرعى من ذا الذي يرعاك
من يا ثعبان بالسموم حشاك
أو تحيا وهذا السم يملأ فاك
شهدا وقل للشهد من حلاك
ودم من ذا الذي صفاك
فاسأله من يا نخل شق نواك
أنواره فاسأله من أسراك
فاسأل لهيب النار من أوراك
قمم السحاب فسله من أرساك
لعل أقلها هو ما إليه هداك
عجب عجاب لو ترى عيناك




أإله مع الله ؟!!

قال ابن القيم : من تأمل بعض هداياته في خلقه لعلم أنه الإله الواحد الحق الذي يستحق أن يوحد ويستحق أن يعبد بلا منازع أو شريك { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }[طه/50] أي : ثم هداه إلى ما يصلحه ، ويؤهله للقيام بالوظيفة التي خلق من أجلها ووجد من أجلها ، هذه هي الهداية العامة لو تدبرت كل شيء في الكون لوصلت إليها .

بل لقد أضاف العلامة الألوسي في (( روح المعاني )) إضافة جديدة جميلة للآية فقال : { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }[طه/50] قال ربنا الذي خلق كل شيء على صورته وشكله اللائق به وجعل هذا الشيء دليلاً على وجوده .

ففي كل شيء له آية
سل الواحة الخضراء والماء جاريا
ولو جُن هذا الليل وامتد سرمدا



تدل على أنه الواحد
سل الليل والإصباح والطير شاديا
فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا




لا أريد أن أطيل النفس مع كل عنصر وإلا فورب الكعبة إن كل عنصر من عناصر اللقاء يحتاج إلى لقاء .

الهداية العامة :

ثانيا : من أقسام الهداية : هداية الدلالة والبيان والتعريف والإرشاد :

ومعناها : أن الله – جل وعلا – خلق الإنسان وأرشده ودله وهداه وعرفه طريق الخير والشر .

تدبر كل لفظة خلق الله الإنسان ودله وأرشده وبين له وعرفه طريقي الخير والشر.

قال تعالى : {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ }[البلد/10] أي : الطريقين : طريق الخير وطريق الشر .

قال تعالى : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً }[الإنسان/3]

قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [ الشمس/7-10]

ومع ذلك من رحمة الله بنا أن الله لم يعذب خلقه بعد هذه الهداية أي : بعد هداية الدلالة، بل أرسل الله إلى الخلق الرسل والأنبياء ، وأنزل الله عليهم الكتب ، ليأخذ الرسل والأنبياء بيد البشر من ظلام الشرك والوثنية إلى أنوار التوحيد والإيمان برب البرية ، ليدل الرسل والأنبياء البشر على الحق تبارك وتعالى وقال – جل وتعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }[الإسراء/15] .

وقال سبحانه: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[ النساء/165] .

وقال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [هود/61] ، قال تعالى : {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [هود/50] .

قال تعالى : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} [ هود/84] .

وبالجملة : قال تعالى : {َإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ }[فاطر/24] .

فالله – جل وعلا – لا يعذب عباده إلا بعد أن يقيم الحجة عليهم ببعثه الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك من رحمة الله بخلقه أن أبقى في كل أمة بعد رسولها ورثة لهذا النبي ، وهذا الرسول ، إنهم ورثة الأنبياء ، إنهم الدعاة المصلحون ، إنهم المخلصون المنصفون ، الآمرون بالمعروف بمعروف ، والناهون عن المنكر بغير منكر ، إنهم الشموع التي تحترق ، لتضيء للأمة طريق ربها ونبيها ، إنهم العلماء الربانيون ، والدعاة الصادقون ، فهؤلاء أيضا بعد الرسل يدلون الخلق على الحق ، ويأخذون بأيدي البشر إلى طريق رب البشر ، والسير على طريق سيد البشر r .

قال رسول الله r كما في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود : (( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب )) .. اللهم اجعلنا من حواري رسول الله r ((إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ))(1) .

إذا هداية الدلالة يؤديها العلماء بعد الرسل والأنبياء ، لأنهم ورثة الرسل والأنبياء قال تعالى لنبينا: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف/108].

قال ابن القيم : ولا يكون الرجل من أتباع النبي r حقا حتى يدعو إلى ما دعا إليه النبي r على بصيرة .

هذه هي هداية الدلالة .

ثالثا : هداية التوفيق : وهذه لا يملكها مَلَكّ مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولو كان المصطفى r، لا يملك هداية التوفيق إلا الله ، نعم ! لا يملك هداية التوفيق إلا الله ، ما عليك فقط إلا أن تبحث عن هداية الدلالة ، عن الأسباب ، وأن تجاهد ، وأن تسأل ربك الهدى ليرزقك هداية التوفيق .

ما هي هداية التوفيق ؟

أن يوفقك الله – جل وعلا – لتوحيده والإيمان به والسير على صراطه المستقيم ، ليست بيدك ولا بيدي ، ليتعلم العلماء والدعاة الأدب مع الله فوظيفتي ، ووظيفتك الإنذار والبلاغ ، أما القلوب ، فإنها بيد علام الغيوب .

ما عليك إلا أن تبذر بذراً صحيحاً على القرآن والسنة ، وأن تدع النتائج بعد ذلك إلى الله ، فليس من شأننا أن نقاضي العباد وإنما هذا شأن الله – سبحانه وتعالى – الذي يحاسب الخلق على كل صغيرة وكبيرة .

ولو كانت هداية التوفيق بيد المصطفى r لهدى النبي r عمه أبا طالب الذي تفطر قلب النبي r من أجل هدايته ، لأن أبا طالب كان يشكل حائط صد منيع ، طالما تحطمت عليه سيوف ورماح أهل الشرك في مكة أحاط النبي r بكل ما يملك ، ومع ذلك، فلم يستطع النبي هدايته أبدا ، هو بذل له هداية الدلالة ، وهي المرادة في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }[الشورى/52] .

أما هداية التوفيق قال الله فيها لنبيه :{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}[ القصص/56] ....................

نشر في : 2:08 م  |  من طرف General

0 التعليقات :


--------------------------------------------------------------------------------

عبد العزيز بن محمد القنام
ملخص الخطبة
بشاعة حادثة التفجير الإرهابي.
ضلال فئة النشاز.
من المستفيد؟! وما الفائدة من وراء مثل هذه العمليات؟!
نصوص الكتاب والسنة في حرمة دماء المسلمين والتغليظ في شأنها.
مقتطفات من بيان هيئة كبار العلماء حول الأعمال الإرهابية.
شيء من تاريخ الإرهاب.
تفشي الإرهاب في أكثر دول العالم تقدمًا وتقنية.
الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله سبحانه، فإنها الأمن عند الخوف والنجاة عند الهلاك، بها يشرف المرء وينبل، وبالنأي عنها يذل العبد ويسفل، هي وصية الله للأولين والآخرين، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون.
وتأملوا في حوادث الدهر وقوارع العبر، فإنهن صوادق الخبر، حوادث فيها مزدجر، ومتغيرات فيها معتبر، تُعير مرة، وتسلب أخرى، وتفسد عامرًا، وتعمر قصرًا.
أيها المسلمون، في الجمعة الماضية كنا نتكلم عن نعمة الأمن في هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين، وما يفعله أعداء الإسلام والمسلمين من أعمال إرهابية ينتج منها التخريب والتدمير وتقتيل الأنفس البريئة، وما وجد معهم من أسلحة مدمرة، وفي خطبتنا هذه يحتار المرء من أين يبدأ به الحديث، ويعجز اللسان عن وصف ما حصل من مصيبة، حيث فجع الجميع بحادثة دخيلة غريبة على هذه البلاد المسلمة وأهلها؛ حادثة التفجير، راح ضحيتها أرواح بريئة، وخلفت الدماء والأشلاء والجراح من مسلمين وغير مسلمين، لا نجد لها تأويلاً ولا للفاعلين مبررًا سوى الهمجية والجهل والعصبية.
لقد تضمنت هذه الحادثة إزهاقًا للأرواح وسفكًا للدماء وترويعًا للآمنين وتشويهًا لصورة مجتمع المسلمين ومدنهم وإضرارا بالمصالح عامة، ومن ثم فالحادثة بكل المعايير والمقاييس ومن كل المنطلقات حادثة تخريب، في سلسلة حلقات تهدف إلى إضعاف مستوى الأمن في هذه البلاد، وتهدف إلى إشاعة الفوضى، والمستهدف الأول والأخير هو الدين والعقيدة.
قام هؤلاء المجرمون بتنفيذ فعلتهم الإجرامية في عاصمة بلادنا، وذلك تحت جنح الظلام، حيث قاموا بعملية انتحارية، ونتج عنها تقتيل عشرات الأنفس البريئة وتمزيق أجساد سليمة وترويع الآمنين بفعلتهم الشريرة وتدمير منشآت كثيرة، ولا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
أيها المسلمون، إنه لمن المؤسف حقًا ومن المحزن حقًا أن يسمع المسلم بين وقت وآخر ما تهتز له النفوس حزنًا، وترتجف له القلوب أسفًا، وما يتأثر به المسلم حيث كان وأينما كان، من تلك التفجيرات الآثمة، وتلك الاعتداءات الظالمة، والتي يقوم بها قوم ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، وأجرموا واعتدوا وبغوا وأفسدوا فسادًا عظيمًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن التفجير الذي وقع يوم الاثنين مساء الموافق 11/3424هـ في مدينة الرياض ـ حرس الله بلاد الحرمين وحفظها وأدام الله عليها الأمن والأمان ـ لقد دوى صوت التفجير معلنًا عن وجود فئة ضالة مخربة مجرمة، لا يروق لها أن تأمن البلاد ويطمئن العباد، فامتدت يد آثمة في هزيع الليل بعملية إرهابية انتحارية؛ لتخرب وتدمر وتروع وتفسد في الأرض وتهز أمن البلاد والعباد وتخوف المقيم والوافد، وفي أي أرض؟ إنها أرض الحرمين، في أرض دولة التوحيد التي هي مقصد كل الناس في جميع الدنيا، ينظرون إلى بلادهم على أنها بلاد أمن واطمئنان، فإذا يد الغدر الآثمة تبيت الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء، ومن المستفيد من ذلك إلا أعداء الإسلام والمسلمين؟!
إنها جريمة بشعة وعمل إرهابي قبيح وفعل دنيء ونتاج فكر خبيث، لا يقدم عليه إلا مريض قلب وضعيف دين وإنسان فيه هوس وفيه حب للشر والفساد والإفساد، أبدًا لا يقدم عليه عاقل يحترم نفسه، ولا يقدم عليه خيِّر يخاف الله ويرجوه، ولا يقدم عليه مواطن وفيٌّ يحس بأمن الجماعة ويتحرك بما ينفع الناس، إن من أقدم على هذا العمل هو عدو لله وللإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، بل إنه عدو لنفسه أولاً، ثم عدو لأهله وقومه وجيرانه والمستجيرين به والمستأمنين الذين قدموا ليعملوا وليشيروا ليستفاد من خبرتهم بعهد ووعد وميثاق، فإذا هم يغتالون وهم نائمون، وتتمزق أجسادهم أشلاء في ديار الإسلام والمسلمين. إن هذا العمل قبيح وغدر فظيع وجرم مروع، نبرأ إلى الله من أن يرضى به مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
ثم ما الفائدة؟ الفائدة إضرار بأمن البلاد والعباد، وإضرار باستقرار البلاد، وإضرار بسمعة الإسلام والمسلمين، ولا يخدم هذا العمل إلا أعداء الإسلام والمسلمين.
أقول: الإسلام الذي هو دين الله الذي ارتضاه تبارك وتعالى لعباده، وقد جاء حافلاً بالمضامين الهامة التي تحفظ للناس أمنهم في دينهم وفي أحوالهم وفي دمائهم وفي أعراضهم، ومن أجل هذا سلك الإسلام مسالك عديدة في حفظ الأمن وتأكيده.
فمن جانبٍ حرم الله تبارك وتعالى الاعتداء، وجعله جريمة من الجرائم وكبيرة من الكبائر، لا يجوز لمسلم يرجو وجه الله والدار الآخرة أن يعتدي على دماء معصومة وعلى أموال معصومة. وجعل الله المحبة في الله وشيجة من الوشائج بين أفراد المجتمع، فلا يحل لهم أن يعتدوا على أموال بعض، ولا على دماء بعض، ولا على أعراضهم أيضًا. فحرم الإسلام الاعتداء، وجعل الدماء والأعراض والأموال معصومة، بل تعدى ذلك إلى تحريم الاعتداء على المستأمنين الذين أعطتهم الدولة الإسلامية عهد الله وذمة الله وذمة رسوله ، فحصنت دماءهم وأموالهم وأعراضهم بإقامتهم بين ظهراني المسلمين إقامة بإذن ولي الأمر، مستأمنون ومعاهدون.
ومن الأنفس المعصومة في الإسلام أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا» أخرجه البخاري.
ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم، لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم يرح رائحة الجنة»، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين، ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم».
أيها المسلمون، لقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية بيانًا بهذا الخصوص، فنص البيان أنه إذا تبين هذا فإن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام، وتحريمه جاء من وجوه:
أولاً: أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين فيها.
ثانيًا: أن فيه قتلاً للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام.
ثالثًا: أن هذا من الإفساد في الأرض.
رابعًا: أن فيه إتلافًا للأموال المعصومة.
وإن مجلس هيئة كبار العلماء إذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات، ويحذرهم من مكائد الشيطان، فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك، إما بالغلو بالدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله، والشيطان لا يبالي بأيهما ظفر من العبد؛ لأن كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه. وما قام به من نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة» أخرجه أبو عوانة في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» وهو في البخاري بنحوه.
أيها الإخوة المسلمون، يا أهل الغيرة والإيمان والإسلام، إن الإرهاب جريمة عالمية ليست مقصورة على بلد دون بلد، والإرهاب قد وجد في القديم وفي الحديث، الإرهاب هو الفساد في الأرض وحب الجريمة وحب الإضرار بالناس، وهذا يوجد حيثما يوجد البشر في القديم وفي الحديث وفي الماضي والحاضر وفي ديار الإسلام وفي غير ديار الإسلام. لقد وجد الإرهاب في أول مجتمع على وجه الأرض يوم قام قابيل بقتل أخيه هابيل، لا لشيء إلا لحب الشر عند القاتل وبغض للخير الموجود عند المقتول، لماذا يكون هذا المقتول صالحًا؟ ولماذا يكون هذا المقتول متقبلاً منه العمل؟ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ [المائدة:27]، لماذا؟ لأن هذا موفق للخير، وهذا عاجز عن الوصول إلى الخير، فلم يجد حيلة أمامه
سوى الانتقام والتخريب والإفساد، هذا أول عمل إرهابي وجد على ظهر الأرض.
وفي المجتمع النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاء قوم بهم من الفقر والبأس والحاجة والشدة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين أن يتصدقوا عليهم، ليكسوا عريهم، ويشبعوا بطونهم، ثم ألحقوا بإبل الصدقة ليشربوا من ألبانها، ويستفيدوا منها، ويعيشوا مع رعاتها، فلما صحت أبدانهم وزانت أحوالهم بغوا وطغوا فقتلوا رعاة النبي صلى الله عليه وسلم ، واستاقوا الإبل، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في أثرهم من جاء بهم من المسلمين، فجيء بهم إلى المدينة، فقتلوا، وسمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم، جزاءً وفاقًا لعملهم الإرهابي القائم على التخريب والإفساد في الأرض.
ومنذ ذلك الحين وأحداث الإرهاب والتفجير والقتل والتدمير تجتاح الدنيا من شرقها إلى غربها، هذا عمل الخوارج الذين هم في الصدر الأول، وفي كل وقت يظهر فيه دعاة التكفير ودعاة الفتن المستبيحون لأعراض المسلمين ودمائهم وأموالهم. إن الخوارج في كل وقت وحين هم الذين يقدمون على هذه الأعمال الشنيعة والأفعال القبيحة، لماذا؟ لأنهم ـ كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم ـ كلاب أهل النار، يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان.
وقد أثبت التاريخ مصداقية هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى الناس الخوارج ينتسبون للإسلام ويقتلون المؤمنين ويروعون الآمنين ويفسدون في ديار الإسلام والمسلمين، وهم جبناء أذلاء لم يستطيعوا أن يواجهوا في وضحالنهار، ولم يستطيعوا أن يقارعوا الحجة بالحجة، فلجئوا إلى الخيانة والغدر والعمل الآثم.
إن من قام بهذا التفجير أشخاص جبناء رديئون خسيسو الأنفس والطباع ذليلون.
أيها الإخوة في الله، لقد وجد الإرهاب في دول أكثر منا تقدمًا في التقنية الأمنية وأكثر استعدادًا بالأجهزة والعدد، ومع ذلك وجد الإجرام ووجد الفساد، فهذه سنة من سنن الله، وهذا قضاء من أقضية الله سبحانه وتعالى، لا يعني الضعف في البلاد، ولا يعني التقصير من أهلها، ولكنه ابتلاء وامتحان واختبار؛ ليظهر الله به أهل الإيمان من أهل النفاق، أهل الإيمان يشجبونه ويستنكرونه ويبغضون العمل ويدعون على الفاعل ويتضامنون مع أولياء الأمور، وأهل النفاق يبررون ويفرحون ويسرهم أن يروا النكد والخوف والذعر في البلاد.
إن هذه الأمور التي تحدث إنما هي ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب، ويظهر صدق الولاية عند أهل الإيمان وصدق العزم عند أهل الإحسان وصدق الاهتمام بأمر المسلمين عند من يدعون الخير، ويظهر أهل النفاق وأهل التبرير وأهل التسويف والأعذار، أعاذنا الله وإياكم من أعمال المجرمين وأفعال المفسدين المخربين، حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أسأل الله أن يرفع رايتنا، ويستر زلاتنا، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له تعالى على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، والسائرين على سنته إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أن من سلك طريق التفجير والإرهاب لا يحقق مقصده، ولا يصل إلى هدف، ولا يحصد إلا الندم والخزي والبوارز إن الإرهابيين هم خفافيش الظلام، وإنهم كالعقارب والحيات يلدغون ويضرون بالناس، ولكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، لقد رضوا بأن يكونوا مصدر إزعاج وقلاقل وفتن، وعليهم من الله ما يستحقون من لعائنه وغضبه وعظيم انتقامه.
أيها الإخوة، إن هؤلاء قرناء لإبليس الذي قطع العهد على نفسه أن يفسد البلاد والعباد، وأن يضلل الناس ويغويهم، فهؤلاء جنده ومعاونوه، ينفذون له ما يمليه عليهم، لا يعجبهم أن يأمن الناس، ولا يعجبهم أن يطمئن الناس، ولا يعجبهم أن تزدهر البلاد، ولكن يعجبهم أن يروا الأشلاء والدمار والأنقاض والدماء والتخريب والتخويف، لتزدهر أطماعهم ولتنمو تجارتهم المحرمة.
عباد الله، إن كان الإرهاب موجودًا في دول العالم، فإنه في بلادنا ـ ولله الحمد ـ هو الأقل وهو النادر والأقل جدًّا، وهذا بفضل الله تعالى، ثم بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية وتكاتف الراعي والرعية، وإذا أردتم أن تتأكدوا من التضامن فانظروا الغضبة الكبرى التي عمت الناس جميعًا في بلادنا إثر سماع هذه الأخبار، وإذا كنتم تريدون أن تعلموا الآثار الحسنة لهذه الأعمال الإجرامية التي تغيظ الفاعلين والمخططين لها فانظروا تساؤل الدول جميعًا واستنكارها وشجبها وتضامنها مع بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله؛ لما لها من المكانة ولما يحقق استقرارها من الخير لبلاد العالم أجمع.
إن بلاد العالم لا يسرها أن تضطرب الجزيرة العربية، والمسلمون قاطبة في كل ديار الدنيا لا يرضيهم أبدًا ولا يشرح صدورهم أن يضطرب الأمن في بلاد الحرمين، فهي مقصد حجهم، وهي قبلة صلاتهم، وكل مسلم مخلص يدعو من قلبه أن يزيدها الله أمنًا واطمئنانًا، وهذه البلاد ـ بحمد الله ـ لا تزيدها الأحداث والمصائب إلا تكاتفًا وقوة بحمد الله، حدب من الراعي على رعيته، وتجاوب من الرعية مع راعيها ولله الحمد والمنة.
ألا فليخسأ المفسدون في الأرض، ألا فليرتدوا على أدبارهم، فلن يصلوا إلى ما يريدون، ولن يهزوا من هذه البلاد أي قناة، وإنها بلاد عرفت وجربت مواثيقها، فبلادنا تمد الخير إلى بلاد الدنيا بالإنقاذ والإغاثة والإعانة وتوزيع كتاب الله وتوزيع الكتب الإسلامية ونشر الدعاة، إنها بلاد تصدر الأمن والأمان للعالم، ومع ذلك يريد الحاقدون أن يثنوها عن مسيرتها، فلن يستطيعوا ذلك أبدًا.
نسأل الله تعالى أن يحمي بلاد الحرمين من شرور المعتدين ونيل المجرمين، وأن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وأن يمكن منهم لينفذ في بقيتهم حكم شريعة الله المطهرة، وأن يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق قادة هذه البلاد المخلصين لما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين.
ثم صلوا وسلموا على رسول الله كما أمركم الله في محكم كتابه.
اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداءك وأعداء المسلمين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

خطبة<<الإرهابيون وتفجيراتهم المستمرة عبد العزيز بن محمد القنام


--------------------------------------------------------------------------------

عبد العزيز بن محمد القنام
ملخص الخطبة
بشاعة حادثة التفجير الإرهابي.
ضلال فئة النشاز.
من المستفيد؟! وما الفائدة من وراء مثل هذه العمليات؟!
نصوص الكتاب والسنة في حرمة دماء المسلمين والتغليظ في شأنها.
مقتطفات من بيان هيئة كبار العلماء حول الأعمال الإرهابية.
شيء من تاريخ الإرهاب.
تفشي الإرهاب في أكثر دول العالم تقدمًا وتقنية.
الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله سبحانه، فإنها الأمن عند الخوف والنجاة عند الهلاك، بها يشرف المرء وينبل، وبالنأي عنها يذل العبد ويسفل، هي وصية الله للأولين والآخرين، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون.
وتأملوا في حوادث الدهر وقوارع العبر، فإنهن صوادق الخبر، حوادث فيها مزدجر، ومتغيرات فيها معتبر، تُعير مرة، وتسلب أخرى، وتفسد عامرًا، وتعمر قصرًا.
أيها المسلمون، في الجمعة الماضية كنا نتكلم عن نعمة الأمن في هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين، وما يفعله أعداء الإسلام والمسلمين من أعمال إرهابية ينتج منها التخريب والتدمير وتقتيل الأنفس البريئة، وما وجد معهم من أسلحة مدمرة، وفي خطبتنا هذه يحتار المرء من أين يبدأ به الحديث، ويعجز اللسان عن وصف ما حصل من مصيبة، حيث فجع الجميع بحادثة دخيلة غريبة على هذه البلاد المسلمة وأهلها؛ حادثة التفجير، راح ضحيتها أرواح بريئة، وخلفت الدماء والأشلاء والجراح من مسلمين وغير مسلمين، لا نجد لها تأويلاً ولا للفاعلين مبررًا سوى الهمجية والجهل والعصبية.
لقد تضمنت هذه الحادثة إزهاقًا للأرواح وسفكًا للدماء وترويعًا للآمنين وتشويهًا لصورة مجتمع المسلمين ومدنهم وإضرارا بالمصالح عامة، ومن ثم فالحادثة بكل المعايير والمقاييس ومن كل المنطلقات حادثة تخريب، في سلسلة حلقات تهدف إلى إضعاف مستوى الأمن في هذه البلاد، وتهدف إلى إشاعة الفوضى، والمستهدف الأول والأخير هو الدين والعقيدة.
قام هؤلاء المجرمون بتنفيذ فعلتهم الإجرامية في عاصمة بلادنا، وذلك تحت جنح الظلام، حيث قاموا بعملية انتحارية، ونتج عنها تقتيل عشرات الأنفس البريئة وتمزيق أجساد سليمة وترويع الآمنين بفعلتهم الشريرة وتدمير منشآت كثيرة، ولا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل.
أيها المسلمون، إنه لمن المؤسف حقًا ومن المحزن حقًا أن يسمع المسلم بين وقت وآخر ما تهتز له النفوس حزنًا، وترتجف له القلوب أسفًا، وما يتأثر به المسلم حيث كان وأينما كان، من تلك التفجيرات الآثمة، وتلك الاعتداءات الظالمة، والتي يقوم بها قوم ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم، وأجرموا واعتدوا وبغوا وأفسدوا فسادًا عظيمًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن التفجير الذي وقع يوم الاثنين مساء الموافق 11/3424هـ في مدينة الرياض ـ حرس الله بلاد الحرمين وحفظها وأدام الله عليها الأمن والأمان ـ لقد دوى صوت التفجير معلنًا عن وجود فئة ضالة مخربة مجرمة، لا يروق لها أن تأمن البلاد ويطمئن العباد، فامتدت يد آثمة في هزيع الليل بعملية إرهابية انتحارية؛ لتخرب وتدمر وتروع وتفسد في الأرض وتهز أمن البلاد والعباد وتخوف المقيم والوافد، وفي أي أرض؟ إنها أرض الحرمين، في أرض دولة التوحيد التي هي مقصد كل الناس في جميع الدنيا، ينظرون إلى بلادهم على أنها بلاد أمن واطمئنان، فإذا يد الغدر الآثمة تبيت الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء، ومن المستفيد من ذلك إلا أعداء الإسلام والمسلمين؟!
إنها جريمة بشعة وعمل إرهابي قبيح وفعل دنيء ونتاج فكر خبيث، لا يقدم عليه إلا مريض قلب وضعيف دين وإنسان فيه هوس وفيه حب للشر والفساد والإفساد، أبدًا لا يقدم عليه عاقل يحترم نفسه، ولا يقدم عليه خيِّر يخاف الله ويرجوه، ولا يقدم عليه مواطن وفيٌّ يحس بأمن الجماعة ويتحرك بما ينفع الناس، إن من أقدم على هذا العمل هو عدو لله وللإسلام والمسلمين والإنسانية جمعاء، بل إنه عدو لنفسه أولاً، ثم عدو لأهله وقومه وجيرانه والمستجيرين به والمستأمنين الذين قدموا ليعملوا وليشيروا ليستفاد من خبرتهم بعهد ووعد وميثاق، فإذا هم يغتالون وهم نائمون، وتتمزق أجسادهم أشلاء في ديار الإسلام والمسلمين. إن هذا العمل قبيح وغدر فظيع وجرم مروع، نبرأ إلى الله من أن يرضى به مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
ثم ما الفائدة؟ الفائدة إضرار بأمن البلاد والعباد، وإضرار باستقرار البلاد، وإضرار بسمعة الإسلام والمسلمين، ولا يخدم هذا العمل إلا أعداء الإسلام والمسلمين.
أقول: الإسلام الذي هو دين الله الذي ارتضاه تبارك وتعالى لعباده، وقد جاء حافلاً بالمضامين الهامة التي تحفظ للناس أمنهم في دينهم وفي أحوالهم وفي دمائهم وفي أعراضهم، ومن أجل هذا سلك الإسلام مسالك عديدة في حفظ الأمن وتأكيده.
فمن جانبٍ حرم الله تبارك وتعالى الاعتداء، وجعله جريمة من الجرائم وكبيرة من الكبائر، لا يجوز لمسلم يرجو وجه الله والدار الآخرة أن يعتدي على دماء معصومة وعلى أموال معصومة. وجعل الله المحبة في الله وشيجة من الوشائج بين أفراد المجتمع، فلا يحل لهم أن يعتدوا على أموال بعض، ولا على دماء بعض، ولا على أعراضهم أيضًا. فحرم الإسلام الاعتداء، وجعل الدماء والأعراض والأموال معصومة، بل تعدى ذلك إلى تحريم الاعتداء على المستأمنين الذين أعطتهم الدولة الإسلامية عهد الله وذمة الله وذمة رسوله ، فحصنت دماءهم وأموالهم وأعراضهم بإقامتهم بين ظهراني المسلمين إقامة بإذن ولي الأمر، مستأمنون ومعاهدون.
ومن الأنفس المعصومة في الإسلام أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا» أخرجه البخاري.
ومن أدخله ولي الأمر المسلم بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم، لا يجوز التعرض له، ومن قتله فإنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم يرح رائحة الجنة»، وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين، ومعلوم أن أهل الإسلام ذمتهم واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم».
أيها المسلمون، لقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء في جلسته الاستثنائية بيانًا بهذا الخصوص، فنص البيان أنه إذا تبين هذا فإن ما وقع في مدينة الرياض من حوادث التفجير أمر محرم لا يقره دين الإسلام، وتحريمه جاء من وجوه:
أولاً: أن هذا العمل اعتداء على حرمة بلاد المسلمين وترويع للآمنين فيها.
ثانيًا: أن فيه قتلاً للأنفس المعصومة في شريعة الإسلام.
ثالثًا: أن هذا من الإفساد في الأرض.
رابعًا: أن فيه إتلافًا للأموال المعصومة.
وإن مجلس هيئة كبار العلماء إذ يبين حكم هذا الأمر ليحذر المسلمين من الوقوع في المحرمات المهلكات، ويحذرهم من مكائد الشيطان، فإنه لا يزال بالعبد حتى يوقعه في المهالك، إما بالغلو بالدين، وإما بالجفاء عنه ومحاربته والعياذ بالله، والشيطان لا يبالي بأيهما ظفر من العبد؛ لأن كلا طريقي الغلو والجفاء من سبل الشيطان التي توقع صاحبها في غضب الرحمن وعذابه. وما قام به من نفذوا هذه العمليات من قتل أنفسهم بتفجيرها فهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة» أخرجه أبو عوانة في مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» وهو في البخاري بنحوه.
أيها الإخوة المسلمون، يا أهل الغيرة والإيمان والإسلام، إن الإرهاب جريمة عالمية ليست مقصورة على بلد دون بلد، والإرهاب قد وجد في القديم وفي الحديث، الإرهاب هو الفساد في الأرض وحب الجريمة وحب الإضرار بالناس، وهذا يوجد حيثما يوجد البشر في القديم وفي الحديث وفي الماضي والحاضر وفي ديار الإسلام وفي غير ديار الإسلام. لقد وجد الإرهاب في أول مجتمع على وجه الأرض يوم قام قابيل بقتل أخيه هابيل، لا لشيء إلا لحب الشر عند القاتل وبغض للخير الموجود عند المقتول، لماذا يكون هذا المقتول صالحًا؟ ولماذا يكون هذا المقتول متقبلاً منه العمل؟ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ [المائدة:27]، لماذا؟ لأن هذا موفق للخير، وهذا عاجز عن الوصول إلى الخير، فلم يجد حيلة أمامه
سوى الانتقام والتخريب والإفساد، هذا أول عمل إرهابي وجد على ظهر الأرض.
وفي المجتمع النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاء قوم بهم من الفقر والبأس والحاجة والشدة ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين أن يتصدقوا عليهم، ليكسوا عريهم، ويشبعوا بطونهم، ثم ألحقوا بإبل الصدقة ليشربوا من ألبانها، ويستفيدوا منها، ويعيشوا مع رعاتها، فلما صحت أبدانهم وزانت أحوالهم بغوا وطغوا فقتلوا رعاة النبي صلى الله عليه وسلم ، واستاقوا الإبل، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في أثرهم من جاء بهم من المسلمين، فجيء بهم إلى المدينة، فقتلوا، وسمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم، جزاءً وفاقًا لعملهم الإرهابي القائم على التخريب والإفساد في الأرض.
ومنذ ذلك الحين وأحداث الإرهاب والتفجير والقتل والتدمير تجتاح الدنيا من شرقها إلى غربها، هذا عمل الخوارج الذين هم في الصدر الأول، وفي كل وقت يظهر فيه دعاة التكفير ودعاة الفتن المستبيحون لأعراض المسلمين ودمائهم وأموالهم. إن الخوارج في كل وقت وحين هم الذين يقدمون على هذه الأعمال الشنيعة والأفعال القبيحة، لماذا؟ لأنهم ـ كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم ـ كلاب أهل النار، يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان.
وقد أثبت التاريخ مصداقية هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى الناس الخوارج ينتسبون للإسلام ويقتلون المؤمنين ويروعون الآمنين ويفسدون في ديار الإسلام والمسلمين، وهم جبناء أذلاء لم يستطيعوا أن يواجهوا في وضحالنهار، ولم يستطيعوا أن يقارعوا الحجة بالحجة، فلجئوا إلى الخيانة والغدر والعمل الآثم.
إن من قام بهذا التفجير أشخاص جبناء رديئون خسيسو الأنفس والطباع ذليلون.
أيها الإخوة في الله، لقد وجد الإرهاب في دول أكثر منا تقدمًا في التقنية الأمنية وأكثر استعدادًا بالأجهزة والعدد، ومع ذلك وجد الإجرام ووجد الفساد، فهذه سنة من سنن الله، وهذا قضاء من أقضية الله سبحانه وتعالى، لا يعني الضعف في البلاد، ولا يعني التقصير من أهلها، ولكنه ابتلاء وامتحان واختبار؛ ليظهر الله به أهل الإيمان من أهل النفاق، أهل الإيمان يشجبونه ويستنكرونه ويبغضون العمل ويدعون على الفاعل ويتضامنون مع أولياء الأمور، وأهل النفاق يبررون ويفرحون ويسرهم أن يروا النكد والخوف والذعر في البلاد.
إن هذه الأمور التي تحدث إنما هي ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب، ويظهر صدق الولاية عند أهل الإيمان وصدق العزم عند أهل الإحسان وصدق الاهتمام بأمر المسلمين عند من يدعون الخير، ويظهر أهل النفاق وأهل التبرير وأهل التسويف والأعذار، أعاذنا الله وإياكم من أعمال المجرمين وأفعال المفسدين المخربين، حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أسأل الله أن يرفع رايتنا، ويستر زلاتنا، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له تعالى على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، والسائرين على سنته إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أن من سلك طريق التفجير والإرهاب لا يحقق مقصده، ولا يصل إلى هدف، ولا يحصد إلا الندم والخزي والبوارز إن الإرهابيين هم خفافيش الظلام، وإنهم كالعقارب والحيات يلدغون ويضرون بالناس، ولكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، لقد رضوا بأن يكونوا مصدر إزعاج وقلاقل وفتن، وعليهم من الله ما يستحقون من لعائنه وغضبه وعظيم انتقامه.
أيها الإخوة، إن هؤلاء قرناء لإبليس الذي قطع العهد على نفسه أن يفسد البلاد والعباد، وأن يضلل الناس ويغويهم، فهؤلاء جنده ومعاونوه، ينفذون له ما يمليه عليهم، لا يعجبهم أن يأمن الناس، ولا يعجبهم أن يطمئن الناس، ولا يعجبهم أن تزدهر البلاد، ولكن يعجبهم أن يروا الأشلاء والدمار والأنقاض والدماء والتخريب والتخويف، لتزدهر أطماعهم ولتنمو تجارتهم المحرمة.
عباد الله، إن كان الإرهاب موجودًا في دول العالم، فإنه في بلادنا ـ ولله الحمد ـ هو الأقل وهو النادر والأقل جدًّا، وهذا بفضل الله تعالى، ثم بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية وتكاتف الراعي والرعية، وإذا أردتم أن تتأكدوا من التضامن فانظروا الغضبة الكبرى التي عمت الناس جميعًا في بلادنا إثر سماع هذه الأخبار، وإذا كنتم تريدون أن تعلموا الآثار الحسنة لهذه الأعمال الإجرامية التي تغيظ الفاعلين والمخططين لها فانظروا تساؤل الدول جميعًا واستنكارها وشجبها وتضامنها مع بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله؛ لما لها من المكانة ولما يحقق استقرارها من الخير لبلاد العالم أجمع.
إن بلاد العالم لا يسرها أن تضطرب الجزيرة العربية، والمسلمون قاطبة في كل ديار الدنيا لا يرضيهم أبدًا ولا يشرح صدورهم أن يضطرب الأمن في بلاد الحرمين، فهي مقصد حجهم، وهي قبلة صلاتهم، وكل مسلم مخلص يدعو من قلبه أن يزيدها الله أمنًا واطمئنانًا، وهذه البلاد ـ بحمد الله ـ لا تزيدها الأحداث والمصائب إلا تكاتفًا وقوة بحمد الله، حدب من الراعي على رعيته، وتجاوب من الرعية مع راعيها ولله الحمد والمنة.
ألا فليخسأ المفسدون في الأرض، ألا فليرتدوا على أدبارهم، فلن يصلوا إلى ما يريدون، ولن يهزوا من هذه البلاد أي قناة، وإنها بلاد عرفت وجربت مواثيقها، فبلادنا تمد الخير إلى بلاد الدنيا بالإنقاذ والإغاثة والإعانة وتوزيع كتاب الله وتوزيع الكتب الإسلامية ونشر الدعاة، إنها بلاد تصدر الأمن والأمان للعالم، ومع ذلك يريد الحاقدون أن يثنوها عن مسيرتها، فلن يستطيعوا ذلك أبدًا.
نسأل الله تعالى أن يحمي بلاد الحرمين من شرور المعتدين ونيل المجرمين، وأن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وأن يمكن منهم لينفذ في بقيتهم حكم شريعة الله المطهرة، وأن يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق قادة هذه البلاد المخلصين لما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين.
ثم صلوا وسلموا على رسول الله كما أمركم الله في محكم كتابه.
اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداءك وأعداء المسلمين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:35 م  |  من طرف General

0 التعليقات :


--------------------------------------------------------------------------------
أحداث مكة الأسباب والعلاج لصالح بن عبد الله بن حميد
صالح بن عبد الله بن حميد
ملخص الخطبة
أهمية مطلب الأمن.
فوائد الأمن وثمراته.
مفاسد اختلال الأمن.
جريمة الإخلال بالأمن.
الموقف الصريح الصحيح من أحداث مكة.
ضلال الخوارج وجرائمهم.
أسباب انحراف هؤلاء المفسدين.
خطورة الغلوّ.
صفات الغلاة.طريق الإصلاح وسبيل العلاج.
التحذير من توسيع دائرة الاتّهام.
واجب وسائل الإعلام والخطباء وأئمة المساجد والمعلّمين والآباء والأمّهات.
ضرورة الاعتصام بحبل الله والحذر من التفرّق.
ضرورة الإحساس بالمسؤولية والتحذير من التساهل والتهاون.
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجل، فاتّقوا الله ـ رحمكم الله ـ ما استطعتم، فمن ابتغى غنًى مِن غير مال وغزًّا بغير جاه ومهابةً من غير سلطان فليتّقِ الله، فربُّكم سبحانه مغزُّ من أطاعه واتّقاه، ومذلُّ من خالف أمرَه وعصاه، سبحانه وبحمده، لا يذلُّ من والاه، ولا يعزُّ من عاداه، لا إلهَ غيره، ولا ربّ سواه.
أيّها المسلمون، الأمنُ مطلبٌ عزيزٌ وكنـزٌ ثمينٌ، هو قِوام الحياة الإنسانيّة كلّها، وأساس الحضارة المدنيّة أجمعها، تتطلّع إليه المجتمعات، وتتسابق لتحقيقِه السّلطات، وتتنافس في تأمينه الحكومات، تُسخَّر له الإمكانات الماديّة والوسائلُ العلميّة والدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة، وتُحشَد له الأجهزة الأمنيّة والعسكرية، وتُستنفَر له الطاقات البشريّة.
مطلبُ الأمن يسبق طلبَ الغذاء، بغيرِ الأمن لا يُستساغ طعام، ولا يهنَأ عيش، ولا يلذُّ نوم، ولا يُنعَم براحة، قيل لحكيم: أينَ تجِد السّرور؟ قال: في الأمن، فإنّي وجدتُ الخائفَ لا عيشَ له.
في ظلِّ الأمن تحفَظ النفوس، وتُصان الأعراض والأموال، وتأمن السبل، وتُقام الحدود، ويسود العمران، وتنمو الثّروات، وتتوافر الخيرات، ويكثر الحرثُ والنّسل. في ظلّ الأمن تقوم الدعوة إلى الله، وتُعمَر المساجد، وتُقام الجُمَع والجماعات، ويسود الشّرع، ويفشو المعروف، ويقلُّ المنكَر، ويحصل الاستقرار النفسيّ والاطمئنان الاجتماعيّ.
وإذا اضطرب الأمن ـ عياذًا بالله ـ ظهرت الفتَن، وتزلزلت الأمّة، وتخلخَلت أركانُها، وكثُر الخبث، والتبَس الحقّ بالباطل، واستعصى الإصلاح على أهلِ الحقّ. إذا اختلَّ الأمن ـ عياذًا بالله ـ حكم اللّصوص وقطّاع الطريق، وسادت شريعةُ الغاب، وعمّت الفوضى، وهلك النّاس. وتأمّلوا بلدانًا من حولِكم اختلَّ فيها الأمن، فهلك فيها الحرث والنّسل، وسُلِبت الأموال، وانتُهكت الأعراض، وفسد المعاش، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.
ومِن أجل هذا فإنّ كلَّ عملٍ تخريبيّ يستهدف الآمنين ومعصومي الدّماء والنّفوس فهو عملٌ إجراميّ محرّم، مخالفٌ لأحكام شرع الله، فكيف إذا كان القتل والتخريبُ والإفساد والتدمير في بلدٍ مسلم، بلدٍ يُعلي كلمةَ الله، وترتفع فيه راية الدِّين والدعوة وعلمُ الشرع وحكمُ الشّرع؟! ثمّ كيف إذا كان ذلك في مهبط الوحي ومبعَث الرسالة المحمّدية، في الحرَم الحرام، في أقدس المقدّسات؟! ثمّ كيف إذا بلغ الضّلال بأصحابه، فجعلوا القرآنَ الكريم وسيلة للتّدمير ووضعوا بين دفّتيه أدوات التّفجير، كما جعلوا ماءَ زمزم الطاهر أداةً للتضليل والتّمويه؟! إنّ ذلك كلّه يزيد الحرمَة حرمةً والإلحاد إلحادًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فكم من نفس مسلمة بريئة أزهِقت، وكم من أموالٍ وممتلكات محتَرمة أتلِفت، وكم من نفوس آمنة رُوِّعت. مفاسدُ عظيمة، وشرور كثيرة، وإفساد في الأرض، وترويع للمؤمنين والآمنين، ونقضٌ للعهود، وتجاوزٌ على إمام المسلمين. جرائمُ نكراء، في طيّها منكرات. أين يذهَب هؤلاء من قول الله عزّ وجلّ: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [ النساء:93]؟! وأين يذهبون من قوله صلى الله عليه وسلم: « لزوال الدّنيا أهون عند الله من قتلِ رجل مسلم » أخرجه النسائي والترمذي (1) ، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: « لا يزال المسلم في فسحةٍ من دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا» ؟! (2)
أعمالٌ سيّئة شرّيرة، تثير الفتنَ، وتولِّد التحزّب الذي يدمّر الطاقات، ويشتِّت الجهود، ويهدر المكتسَبات، ويؤخِّر مسيرةَ الإصلاح، ويخذل الدعوةَ والدعاة، ويفتح أبوابَ الشرّ أمام ألوانٍ من الصّراعات، بل ربّما هيّأ فرَصًا للتّدخّلات الخارجيّة والمحاولات الأجنبيّة، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
إنّ الموقفَ الصّريح الذي لا لبسَ فيه، ولا يُختَلف عليه هو إنكارُ هذا العملِ واستنكاره ورفضُه وتجريمه وتحريمه، ولْيحذر مَن أراد الخيرَ لنفسه من عمَى البصيرة وتزيين الشيطان، فيرى الحقّ باطلاً، والباطل حقًّا عياذًا بالله.
إنّ من المعلوم أنَّ الخوارجَ كانوا أهلَ عبادة، وفيهم مظاهرُ الصّلاح وإظهارٌ لبعض الشعائِر كما جاء من أوصافِهم في الحديث: « تحقِرون صلاتكم عند صلاتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوِز حناجرَهم » (3) . هؤلاء الخوارجُ ظهروا في خير القرون وأفضلها، في عهدِ صحابة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم فوصل بهم الحال، إلى أن حاربوا الصّحابة والمسلمين، بل قتلوا الخليفتَين الرّاشدَين عثمان عليًّا رضي الله عنهما.
ألا يكفي زيفًا وضلالاً أن يُجهِّل الخوارج صحابةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفِّروهم ويحاربوهم؟! لقد كان عند الخوارج شيءٌ من حماس و نوع مِن إخلاص، ولكن لم يكن عندَهم عِلمٌ صحيح ولا فِقه عميق، حاربوا الصحابةَ، وقتلوا الخلفاء، زاعمين أنَّ هذا هو طريق الإصلاح. حارب الخوارج مِن أجل القضاء على حُكم بني أميّة زاعمين أنّ هذا هو الطريق إلى الخلافة الراشدة، والذي حصل أن جاء حُكم بني العباس على أنقاضِ بني أميّة وجُثَث الخوارج على حدٍّ سواء، ومَن تجاهل التاريخ تجاهله الواقع، فافقهوا سننَ الله، واستقيموا على الحقّ، وخُذوا بالعلم الصّحيح مِن أهله.
سبحانَ الله، إنّ إخلاصَ الأمِّ الجاهِلة لا يفيدها في تربية ابنها على نحو سليم، وإنّ لوعة الأب وخوفَه على ابنِه لا يغنيه عن علاج الطبيب، وبعضُ محبِّي الإسلام اليومَ لا ينقصهم إخلاصٌ ولا حماس، ولكن ينقصُهم العلم الصحيح والفقه الدقيقُ وحسنُ التديُّن، الإخلاص والحماسُ يولَد في زمنٍ قريب، أمّا العلم والفقه فيحتاج إلى وقتٍ طويل وتعليم وتدريب وسلامَةِ حواسّ وكفاءَة معلِّم.
أيّها المسلمون، إنّ من أعظم أسباب انحراف هؤلاء الجهلَ والعزلة عن المجتمع وعدمَ أخذِ العلم من أهله وغفلةَ الأسرة، وإنّ في بعضهم إعجابًا بالنّفس كبيرًا، وهذه كلّها من الصوارِف عن الحقّ والفقهِ وأخذ العلم من أهله وأبوابه.
معاشرَ المسلمين، وثمّةَ سببٌ في الانحراف كبير، ذالكم هو الوقوعُ في دائرة الغلو. إنّ الغلوّ في دين الله هو ـ والله ـ سببُ الهلاك، فلقد قال عليه الصلاة والسلام: « إيّاكم والغلوّ، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ » (4) .
الغلوّ مشاقّة حقيقيّة لهدي الإسلام، وإعراضٌ عن منهجه في الوسط والاعتدال والرحمَة واليسر والرِّفق. الغلوّ ظلمٌ للنّفس وظلمٌ للنّاس، بل فيه صدّ عن سبيل الله لِما يورثه من تشويه وفتنةٍ وتنفير. الغلاةُ يتعصّبون لجماعتِهم، ويجعلونَها مصدرَ الحقّ، ويغلُون في قادتِهم ورؤسائِهم، ويتبرّؤون مِن مجتمعات المسلمين، ويكفّرون بالمعاصي، ويكفّرون أهلَ الإسلام وحكّامَ المسلمين، ويقولون بالخروج على أئمّة المسلمين، ويعتزلون مجتمعاتِ المسلمين، ويتبرّؤون منهم، لا يصلّون خلفَ أئمّة المسلمين في مساجدِ المسلمين. لقد وصفهم نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم بوصفَين ظاهرين خطيرَين في قوله عليه الصلاة والسلام: « يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرَهم، يقتُلون أهلَ الإسلام ويدَعون أهلَ الأوثان» أخرجه البخاري ومسلم (5) .
الوصف الأول: يقرؤون القرآن ولا يفقهونَه ولا يدركون مقاصدَه، يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إنّهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) (6) .
الوصف الثاني: استحلالُ دماءِ المسلمين: « يقتلون أهلَ الإسلام، ويدَعون أهلَ الأوثان» ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنّهم يكفّرون بالذّنب والسيّئات، ويترتّب على تكفيرهم بالذّنوب استحلالُ دماء المسلمين وأموالِهم، وأنّ دارَ الإسلام دارُ كفر، ودارهم دار الإسلام" (7) ، ولقد قال أبو قلابة:” ما ابتدَع رجلٌ بدعةً إلا استحلّ السيف" (8) ، فلا حول ولا قوة إلا بالله. يجمعون بين الجهل بدين الله وظلمِ عباد الله، وبِئس الطّامّتان الدّاهيتان. إنّ مصيرَ الغلاة هو الهلاك بنصّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون» (9) .
أيّها المسلمون، ومِن أجل النّظر في طريق الإصلاح وسُبُل العِلاج فإنّ أوّل ما ينبغي النظر فيه فشوُّ الحوار النّـزيه المحتكِم إلى مسلّمات الشّريعة ومقرّراتها، وتهيئة الفرصة لكلّ راغبٍ أن يسهمَ ويشارك بقدر ما لديه، فالحقّ للجميع، والدّولة للجميع، والمصلحة للجميع، ولا يُستبعَد من ذلك أحدٌ ولو كان في فكرِه غلوّ أو جفاء، فالفكر يعالَج بصحيح الفِكر والحجّةِ والبرهان والجدال بالتي هي أحسن، فالأجواء المغلقة هي التي تولِّد الفكرَ المنحرِف بطرفَيه الغالي والجافي، بل لقد تحتكِم إلى القوّة والعُنف في حلّ إشكاليّاتها وفرض قناعتها.
وإنّ ممّا يشار إليه في هذا الصدَد ما أقيم من حوارٍ في الآونة الأخيرة بين فعاليّاتٍ وفئات متعدِّدة في هذه البلاد المباركة ذاتِ رؤًى واتِّجاهات كان لقاؤها طيِّبًا، واجتماعُها موفَّقا، وحوارها بنَّاءً، تجلّى فيه الانفتاح والاستيعاب وحسنُ الاستماع من الأطراف المتحاوِرة كافّة، وفّق الله الخُطى، وبارَك في الجهود، وهَدى للتي هي أقوم.
أيّها المسلمون، وإنّ ممَّا يجب التنبيهُ له والتّحذير منه خطورةَ ما تثيره بعضُ الكتابات والبرامج مِن توسيع دائرةِ الاتِّهام ومحاولة الزّجِّ بجهاتٍ وأطراف، وكأنّها تصفّي حسابات شخصيّة، أو مِن أجل اختلافاتٍ في الفكر والرّؤى.
إنّ من الحِكمة والإحساس بالمسؤوليّة حصرَ الحادث في أضيقِ نطاق، وعدمَ توسيع دائرة التّهمة؛ لأنّ هذا التّوسيع يولِّد تعاطفًا معهومع ممثِّليه.
وعلى وسائلِ الإعلام أن تعينَ أهلَ العلم وتشجِّع أصحابَ الرأي المعروفين بالمنهج الوسَط من أهلِ الثقة والرسوخ والاعتدال ليكشِفوا الغامضَ ويزلوا الشّبَه، وينبغي الابتعادُ عن الاستفزاز في الكتاباتِ والانحرافِ في التأويلات والتعسُّف في التّفسيرات والجُنوح في التّحليلات، ممّا يقود إلى النّيل من الدّعاة وأهل العلم والصّلاح والذين يأمرون بالقِسط من النّاس، فهذا استفزازٌ يؤدِّي إلى الاضطرابِ وتمزيقِ المجتمع وتفكيك العُرى.
وعلى الخطباءِ وأئمّة المساجد أن يجعَلوا منابرَهم منابرَ هداية ورُشد وتوجيهٍ لما يجمع الكلمَة ويوحِّد الصفَّ ممّا ينفَع الناس، ويقع في دائرة اهتمامِهم ولا يخرجوا إلى موضوعاتٍ لا تفقهُها العامّة أو لا تهتمّ بها.
وعلى المعلِّمين أن يقدِّموا مع العلم التربيةَ، فالتّربية من المقاصد الكبرى في منهج التعليم، ولا سيّما في مراحلِ الدراسة الأولى.
وعلى الآباءِ والأمّهات الاهتمامُ بأبنائهم فلا يتركونَهم لأصحاب الأفكار الهدّامة والمناهج المنحرفة، ولا يتركونهم للتّجمعات المشبوهة والرّحلات المجهولة، فكلّ ذلك مراتِع أصحاب التّضليل ومصائدُ الذّئاب المفترِسة.
وبعدُ: أيّها المسلمون، فالأمر لا تحصره كلماتٌ، والموضوع لا تحدّه صفَحات، ولكنّه يحتاج إلى وقفةٍ جادّة ووقفاتٍ وبرامجَ مدروسة تتجاوز حدودَ الأفعال، فمصلحةُ الدّين والأمّة والبلاد فوق مصلحةِ الأفراد والهيئات.
لا بدّ من الاعتصامِ بحبل الله والحذَر من التفرّق حتى يكونَ الحقّ هو البغية، والوسطيّة هي المسلك، والشورى هي الوسيلة، وتخليص الأمّة من عدوِّها هو الهدَف، والحفاظ على شرعِ الله هو الغاية. فخذوا الأمر ـ رحمكم الله ـ بجدّ، واستغفروا ربّكم وتوبوا الله، وتضرّعوا بين يديه، وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [ الأنفال:33]، لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ النمل:46].
وإنّنا نحتمي بعزّ الله الذي لا يُضام، وبعينِه التي لا تنام، فهو نعمَ المولى ونعمَ النصير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [ القصص:57].
نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم وبهدي محمّد، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أنقذنا بالوَحي من درَك الضلالة، أحمده سبحانه وأشكره، أكرَمنا بنورِ العِلم المبدِّد لظلماتِ الجهالة، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أكرمَه بالنبوة وشرّفه بالرسالة، صلى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فإنّ المسؤوليةَ ـ أيّها المسلمون ـ عظمى، والجميع في سفينةٍ واحدة، ومَن خرقها أغرقَ الجميع.
إنّ التهاونَ والتساهلَ يؤدِّي إلى انفلاتٍ وفوضى لا يمكِن ضبطها أو السيطرةُ عليها. إنّ هذا الإحساس الجادَّ بالمسؤوليّة وعِظم النتائج وخطورتِها هو الذي يحمِل كلَّ عاقل على رفضِ هذه الأعمال وعدم قبول أيّ مسوّغ لها ولزوم فضح آثارها ونتائجها. ولْيحذرِ المسلم أن يصدرَ منه شيءٌ يثير الفتنة، أو يسوِّغ لهؤلاء وأمثالِهم ضلالَهم وجَهلهم وإجرامَهم، عليه أن يكونَ صالحًا مُصلحًا، يجمع الشّمل ويوحِّد الكلمة، يقوم على الحقّ ويلتفّ حولَ ولاّة الأمر.
عليه الرّجوع إلى أهلِ العِلم العارفين وأهلِ الدّراية والحكمة في السؤال عمّا أشكَل وتوضيحِ ما التبس، وليحذَر أن يجتهد اجتهادًا فرديًا أو شخصيًا يؤدّي به وبمن حولَه إلى أمورٍ لا تُحمَد عقباها.
ومع يقين المؤمِن أنّ الله حافظٌ دينَه وبيته ومُعلٍ كلمتَه وجاعلٌ كيدَ الكائدين في تضليل إلاّ أنّ المسؤوليةَ عظيمة، فلا بدّ من الوقفةِ الصّادقة من أجلِ وضع الأشياء في مواضعها، والأسماء في مسمّياتها، فالإسلام إسلام، والإجرامُ إجرام، والإصلاح غيرُ الفساد، وإيذاء المؤمنين وانتهاك المقدّسات والحرمات غيرُ التّضحية والجهاد والفِداء.
ألا فاتّقوا الله رحمكم الله، واستشعِروا الخوفَ من الله، وحاسِبوا أنفسكم، فللذّنوب شؤمُها، وللمعاصي أثرُها، وأكثروا مِن الدّعاء والاستغفار والتضرّع.
ثم صلّوا وسلّموا على نبيّ الرحمة والهدى، فقد أمركم بذلك المولى جلّ وعلا فقال سبحانه قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [ الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك نبيّنا محمّد، وعلى آله وأزواجه وذريّته، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

أحداث مكة الأسباب والعلاج لصالح بن عبد الله بن حميد


--------------------------------------------------------------------------------
أحداث مكة الأسباب والعلاج لصالح بن عبد الله بن حميد
صالح بن عبد الله بن حميد
ملخص الخطبة
أهمية مطلب الأمن.
فوائد الأمن وثمراته.
مفاسد اختلال الأمن.
جريمة الإخلال بالأمن.
الموقف الصريح الصحيح من أحداث مكة.
ضلال الخوارج وجرائمهم.
أسباب انحراف هؤلاء المفسدين.
خطورة الغلوّ.
صفات الغلاة.طريق الإصلاح وسبيل العلاج.
التحذير من توسيع دائرة الاتّهام.
واجب وسائل الإعلام والخطباء وأئمة المساجد والمعلّمين والآباء والأمّهات.
ضرورة الاعتصام بحبل الله والحذر من التفرّق.
ضرورة الإحساس بالمسؤولية والتحذير من التساهل والتهاون.
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجل، فاتّقوا الله ـ رحمكم الله ـ ما استطعتم، فمن ابتغى غنًى مِن غير مال وغزًّا بغير جاه ومهابةً من غير سلطان فليتّقِ الله، فربُّكم سبحانه مغزُّ من أطاعه واتّقاه، ومذلُّ من خالف أمرَه وعصاه، سبحانه وبحمده، لا يذلُّ من والاه، ولا يعزُّ من عاداه، لا إلهَ غيره، ولا ربّ سواه.
أيّها المسلمون، الأمنُ مطلبٌ عزيزٌ وكنـزٌ ثمينٌ، هو قِوام الحياة الإنسانيّة كلّها، وأساس الحضارة المدنيّة أجمعها، تتطلّع إليه المجتمعات، وتتسابق لتحقيقِه السّلطات، وتتنافس في تأمينه الحكومات، تُسخَّر له الإمكانات الماديّة والوسائلُ العلميّة والدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة، وتُحشَد له الأجهزة الأمنيّة والعسكرية، وتُستنفَر له الطاقات البشريّة.
مطلبُ الأمن يسبق طلبَ الغذاء، بغيرِ الأمن لا يُستساغ طعام، ولا يهنَأ عيش، ولا يلذُّ نوم، ولا يُنعَم براحة، قيل لحكيم: أينَ تجِد السّرور؟ قال: في الأمن، فإنّي وجدتُ الخائفَ لا عيشَ له.
في ظلِّ الأمن تحفَظ النفوس، وتُصان الأعراض والأموال، وتأمن السبل، وتُقام الحدود، ويسود العمران، وتنمو الثّروات، وتتوافر الخيرات، ويكثر الحرثُ والنّسل. في ظلّ الأمن تقوم الدعوة إلى الله، وتُعمَر المساجد، وتُقام الجُمَع والجماعات، ويسود الشّرع، ويفشو المعروف، ويقلُّ المنكَر، ويحصل الاستقرار النفسيّ والاطمئنان الاجتماعيّ.
وإذا اضطرب الأمن ـ عياذًا بالله ـ ظهرت الفتَن، وتزلزلت الأمّة، وتخلخَلت أركانُها، وكثُر الخبث، والتبَس الحقّ بالباطل، واستعصى الإصلاح على أهلِ الحقّ. إذا اختلَّ الأمن ـ عياذًا بالله ـ حكم اللّصوص وقطّاع الطريق، وسادت شريعةُ الغاب، وعمّت الفوضى، وهلك النّاس. وتأمّلوا بلدانًا من حولِكم اختلَّ فيها الأمن، فهلك فيها الحرث والنّسل، وسُلِبت الأموال، وانتُهكت الأعراض، وفسد المعاش، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.
ومِن أجل هذا فإنّ كلَّ عملٍ تخريبيّ يستهدف الآمنين ومعصومي الدّماء والنّفوس فهو عملٌ إجراميّ محرّم، مخالفٌ لأحكام شرع الله، فكيف إذا كان القتل والتخريبُ والإفساد والتدمير في بلدٍ مسلم، بلدٍ يُعلي كلمةَ الله، وترتفع فيه راية الدِّين والدعوة وعلمُ الشرع وحكمُ الشّرع؟! ثمّ كيف إذا كان ذلك في مهبط الوحي ومبعَث الرسالة المحمّدية، في الحرَم الحرام، في أقدس المقدّسات؟! ثمّ كيف إذا بلغ الضّلال بأصحابه، فجعلوا القرآنَ الكريم وسيلة للتّدمير ووضعوا بين دفّتيه أدوات التّفجير، كما جعلوا ماءَ زمزم الطاهر أداةً للتضليل والتّمويه؟! إنّ ذلك كلّه يزيد الحرمَة حرمةً والإلحاد إلحادًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فكم من نفس مسلمة بريئة أزهِقت، وكم من أموالٍ وممتلكات محتَرمة أتلِفت، وكم من نفوس آمنة رُوِّعت. مفاسدُ عظيمة، وشرور كثيرة، وإفساد في الأرض، وترويع للمؤمنين والآمنين، ونقضٌ للعهود، وتجاوزٌ على إمام المسلمين. جرائمُ نكراء، في طيّها منكرات. أين يذهَب هؤلاء من قول الله عزّ وجلّ: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [ النساء:93]؟! وأين يذهبون من قوله صلى الله عليه وسلم: « لزوال الدّنيا أهون عند الله من قتلِ رجل مسلم » أخرجه النسائي والترمذي (1) ، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: « لا يزال المسلم في فسحةٍ من دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا» ؟! (2)
أعمالٌ سيّئة شرّيرة، تثير الفتنَ، وتولِّد التحزّب الذي يدمّر الطاقات، ويشتِّت الجهود، ويهدر المكتسَبات، ويؤخِّر مسيرةَ الإصلاح، ويخذل الدعوةَ والدعاة، ويفتح أبوابَ الشرّ أمام ألوانٍ من الصّراعات، بل ربّما هيّأ فرَصًا للتّدخّلات الخارجيّة والمحاولات الأجنبيّة، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
إنّ الموقفَ الصّريح الذي لا لبسَ فيه، ولا يُختَلف عليه هو إنكارُ هذا العملِ واستنكاره ورفضُه وتجريمه وتحريمه، ولْيحذر مَن أراد الخيرَ لنفسه من عمَى البصيرة وتزيين الشيطان، فيرى الحقّ باطلاً، والباطل حقًّا عياذًا بالله.
إنّ من المعلوم أنَّ الخوارجَ كانوا أهلَ عبادة، وفيهم مظاهرُ الصّلاح وإظهارٌ لبعض الشعائِر كما جاء من أوصافِهم في الحديث: « تحقِرون صلاتكم عند صلاتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوِز حناجرَهم » (3) . هؤلاء الخوارجُ ظهروا في خير القرون وأفضلها، في عهدِ صحابة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم فوصل بهم الحال، إلى أن حاربوا الصّحابة والمسلمين، بل قتلوا الخليفتَين الرّاشدَين عثمان عليًّا رضي الله عنهما.
ألا يكفي زيفًا وضلالاً أن يُجهِّل الخوارج صحابةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفِّروهم ويحاربوهم؟! لقد كان عند الخوارج شيءٌ من حماس و نوع مِن إخلاص، ولكن لم يكن عندَهم عِلمٌ صحيح ولا فِقه عميق، حاربوا الصحابةَ، وقتلوا الخلفاء، زاعمين أنَّ هذا هو طريق الإصلاح. حارب الخوارج مِن أجل القضاء على حُكم بني أميّة زاعمين أنّ هذا هو الطريق إلى الخلافة الراشدة، والذي حصل أن جاء حُكم بني العباس على أنقاضِ بني أميّة وجُثَث الخوارج على حدٍّ سواء، ومَن تجاهل التاريخ تجاهله الواقع، فافقهوا سننَ الله، واستقيموا على الحقّ، وخُذوا بالعلم الصّحيح مِن أهله.
سبحانَ الله، إنّ إخلاصَ الأمِّ الجاهِلة لا يفيدها في تربية ابنها على نحو سليم، وإنّ لوعة الأب وخوفَه على ابنِه لا يغنيه عن علاج الطبيب، وبعضُ محبِّي الإسلام اليومَ لا ينقصهم إخلاصٌ ولا حماس، ولكن ينقصُهم العلم الصحيح والفقه الدقيقُ وحسنُ التديُّن، الإخلاص والحماسُ يولَد في زمنٍ قريب، أمّا العلم والفقه فيحتاج إلى وقتٍ طويل وتعليم وتدريب وسلامَةِ حواسّ وكفاءَة معلِّم.
أيّها المسلمون، إنّ من أعظم أسباب انحراف هؤلاء الجهلَ والعزلة عن المجتمع وعدمَ أخذِ العلم من أهله وغفلةَ الأسرة، وإنّ في بعضهم إعجابًا بالنّفس كبيرًا، وهذه كلّها من الصوارِف عن الحقّ والفقهِ وأخذ العلم من أهله وأبوابه.
معاشرَ المسلمين، وثمّةَ سببٌ في الانحراف كبير، ذالكم هو الوقوعُ في دائرة الغلو. إنّ الغلوّ في دين الله هو ـ والله ـ سببُ الهلاك، فلقد قال عليه الصلاة والسلام: « إيّاكم والغلوّ، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ » (4) .
الغلوّ مشاقّة حقيقيّة لهدي الإسلام، وإعراضٌ عن منهجه في الوسط والاعتدال والرحمَة واليسر والرِّفق. الغلوّ ظلمٌ للنّفس وظلمٌ للنّاس، بل فيه صدّ عن سبيل الله لِما يورثه من تشويه وفتنةٍ وتنفير. الغلاةُ يتعصّبون لجماعتِهم، ويجعلونَها مصدرَ الحقّ، ويغلُون في قادتِهم ورؤسائِهم، ويتبرّؤون مِن مجتمعات المسلمين، ويكفّرون بالمعاصي، ويكفّرون أهلَ الإسلام وحكّامَ المسلمين، ويقولون بالخروج على أئمّة المسلمين، ويعتزلون مجتمعاتِ المسلمين، ويتبرّؤون منهم، لا يصلّون خلفَ أئمّة المسلمين في مساجدِ المسلمين. لقد وصفهم نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم بوصفَين ظاهرين خطيرَين في قوله عليه الصلاة والسلام: « يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرَهم، يقتُلون أهلَ الإسلام ويدَعون أهلَ الأوثان» أخرجه البخاري ومسلم (5) .
الوصف الأول: يقرؤون القرآن ولا يفقهونَه ولا يدركون مقاصدَه، يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إنّهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) (6) .
الوصف الثاني: استحلالُ دماءِ المسلمين: « يقتلون أهلَ الإسلام، ويدَعون أهلَ الأوثان» ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنّهم يكفّرون بالذّنب والسيّئات، ويترتّب على تكفيرهم بالذّنوب استحلالُ دماء المسلمين وأموالِهم، وأنّ دارَ الإسلام دارُ كفر، ودارهم دار الإسلام" (7) ، ولقد قال أبو قلابة:” ما ابتدَع رجلٌ بدعةً إلا استحلّ السيف" (8) ، فلا حول ولا قوة إلا بالله. يجمعون بين الجهل بدين الله وظلمِ عباد الله، وبِئس الطّامّتان الدّاهيتان. إنّ مصيرَ الغلاة هو الهلاك بنصّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: « هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون» (9) .
أيّها المسلمون، ومِن أجل النّظر في طريق الإصلاح وسُبُل العِلاج فإنّ أوّل ما ينبغي النظر فيه فشوُّ الحوار النّـزيه المحتكِم إلى مسلّمات الشّريعة ومقرّراتها، وتهيئة الفرصة لكلّ راغبٍ أن يسهمَ ويشارك بقدر ما لديه، فالحقّ للجميع، والدّولة للجميع، والمصلحة للجميع، ولا يُستبعَد من ذلك أحدٌ ولو كان في فكرِه غلوّ أو جفاء، فالفكر يعالَج بصحيح الفِكر والحجّةِ والبرهان والجدال بالتي هي أحسن، فالأجواء المغلقة هي التي تولِّد الفكرَ المنحرِف بطرفَيه الغالي والجافي، بل لقد تحتكِم إلى القوّة والعُنف في حلّ إشكاليّاتها وفرض قناعتها.
وإنّ ممّا يشار إليه في هذا الصدَد ما أقيم من حوارٍ في الآونة الأخيرة بين فعاليّاتٍ وفئات متعدِّدة في هذه البلاد المباركة ذاتِ رؤًى واتِّجاهات كان لقاؤها طيِّبًا، واجتماعُها موفَّقا، وحوارها بنَّاءً، تجلّى فيه الانفتاح والاستيعاب وحسنُ الاستماع من الأطراف المتحاوِرة كافّة، وفّق الله الخُطى، وبارَك في الجهود، وهَدى للتي هي أقوم.
أيّها المسلمون، وإنّ ممَّا يجب التنبيهُ له والتّحذير منه خطورةَ ما تثيره بعضُ الكتابات والبرامج مِن توسيع دائرةِ الاتِّهام ومحاولة الزّجِّ بجهاتٍ وأطراف، وكأنّها تصفّي حسابات شخصيّة، أو مِن أجل اختلافاتٍ في الفكر والرّؤى.
إنّ من الحِكمة والإحساس بالمسؤوليّة حصرَ الحادث في أضيقِ نطاق، وعدمَ توسيع دائرة التّهمة؛ لأنّ هذا التّوسيع يولِّد تعاطفًا معهومع ممثِّليه.
وعلى وسائلِ الإعلام أن تعينَ أهلَ العلم وتشجِّع أصحابَ الرأي المعروفين بالمنهج الوسَط من أهلِ الثقة والرسوخ والاعتدال ليكشِفوا الغامضَ ويزلوا الشّبَه، وينبغي الابتعادُ عن الاستفزاز في الكتاباتِ والانحرافِ في التأويلات والتعسُّف في التّفسيرات والجُنوح في التّحليلات، ممّا يقود إلى النّيل من الدّعاة وأهل العلم والصّلاح والذين يأمرون بالقِسط من النّاس، فهذا استفزازٌ يؤدِّي إلى الاضطرابِ وتمزيقِ المجتمع وتفكيك العُرى.
وعلى الخطباءِ وأئمّة المساجد أن يجعَلوا منابرَهم منابرَ هداية ورُشد وتوجيهٍ لما يجمع الكلمَة ويوحِّد الصفَّ ممّا ينفَع الناس، ويقع في دائرة اهتمامِهم ولا يخرجوا إلى موضوعاتٍ لا تفقهُها العامّة أو لا تهتمّ بها.
وعلى المعلِّمين أن يقدِّموا مع العلم التربيةَ، فالتّربية من المقاصد الكبرى في منهج التعليم، ولا سيّما في مراحلِ الدراسة الأولى.
وعلى الآباءِ والأمّهات الاهتمامُ بأبنائهم فلا يتركونَهم لأصحاب الأفكار الهدّامة والمناهج المنحرفة، ولا يتركونهم للتّجمعات المشبوهة والرّحلات المجهولة، فكلّ ذلك مراتِع أصحاب التّضليل ومصائدُ الذّئاب المفترِسة.
وبعدُ: أيّها المسلمون، فالأمر لا تحصره كلماتٌ، والموضوع لا تحدّه صفَحات، ولكنّه يحتاج إلى وقفةٍ جادّة ووقفاتٍ وبرامجَ مدروسة تتجاوز حدودَ الأفعال، فمصلحةُ الدّين والأمّة والبلاد فوق مصلحةِ الأفراد والهيئات.
لا بدّ من الاعتصامِ بحبل الله والحذَر من التفرّق حتى يكونَ الحقّ هو البغية، والوسطيّة هي المسلك، والشورى هي الوسيلة، وتخليص الأمّة من عدوِّها هو الهدَف، والحفاظ على شرعِ الله هو الغاية. فخذوا الأمر ـ رحمكم الله ـ بجدّ، واستغفروا ربّكم وتوبوا الله، وتضرّعوا بين يديه، وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [ الأنفال:33]، لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ النمل:46].
وإنّنا نحتمي بعزّ الله الذي لا يُضام، وبعينِه التي لا تنام، فهو نعمَ المولى ونعمَ النصير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَيْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [ القصص:57].
نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم وبهدي محمّد، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أنقذنا بالوَحي من درَك الضلالة، أحمده سبحانه وأشكره، أكرَمنا بنورِ العِلم المبدِّد لظلماتِ الجهالة، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أكرمَه بالنبوة وشرّفه بالرسالة، صلى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فإنّ المسؤوليةَ ـ أيّها المسلمون ـ عظمى، والجميع في سفينةٍ واحدة، ومَن خرقها أغرقَ الجميع.
إنّ التهاونَ والتساهلَ يؤدِّي إلى انفلاتٍ وفوضى لا يمكِن ضبطها أو السيطرةُ عليها. إنّ هذا الإحساس الجادَّ بالمسؤوليّة وعِظم النتائج وخطورتِها هو الذي يحمِل كلَّ عاقل على رفضِ هذه الأعمال وعدم قبول أيّ مسوّغ لها ولزوم فضح آثارها ونتائجها. ولْيحذرِ المسلم أن يصدرَ منه شيءٌ يثير الفتنة، أو يسوِّغ لهؤلاء وأمثالِهم ضلالَهم وجَهلهم وإجرامَهم، عليه أن يكونَ صالحًا مُصلحًا، يجمع الشّمل ويوحِّد الكلمة، يقوم على الحقّ ويلتفّ حولَ ولاّة الأمر.
عليه الرّجوع إلى أهلِ العِلم العارفين وأهلِ الدّراية والحكمة في السؤال عمّا أشكَل وتوضيحِ ما التبس، وليحذَر أن يجتهد اجتهادًا فرديًا أو شخصيًا يؤدّي به وبمن حولَه إلى أمورٍ لا تُحمَد عقباها.
ومع يقين المؤمِن أنّ الله حافظٌ دينَه وبيته ومُعلٍ كلمتَه وجاعلٌ كيدَ الكائدين في تضليل إلاّ أنّ المسؤوليةَ عظيمة، فلا بدّ من الوقفةِ الصّادقة من أجلِ وضع الأشياء في مواضعها، والأسماء في مسمّياتها، فالإسلام إسلام، والإجرامُ إجرام، والإصلاح غيرُ الفساد، وإيذاء المؤمنين وانتهاك المقدّسات والحرمات غيرُ التّضحية والجهاد والفِداء.
ألا فاتّقوا الله رحمكم الله، واستشعِروا الخوفَ من الله، وحاسِبوا أنفسكم، فللذّنوب شؤمُها، وللمعاصي أثرُها، وأكثروا مِن الدّعاء والاستغفار والتضرّع.
ثم صلّوا وسلّموا على نبيّ الرحمة والهدى، فقد أمركم بذلك المولى جلّ وعلا فقال سبحانه قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [ الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك نبيّنا محمّد، وعلى آله وأزواجه وذريّته، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:32 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

إنَّ مفهومَ الوسطية الحقيقيّ هو التمسُّكِ بجميع تعاليم الشريعة السّمحة بذاتها؛ لأنّ الإسلامَ بتعاليمه وشريعته يمثِّل الوسطيّةَ الحقيقيّة في العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملة.
فالوسطيةُ في العقيدةِ أن يُعبَد الله وحدَه لا شريكَ له، وأن تصرَفَ جميع أنواعِ العبادة له من غير شركٍ ولا كهَنوت ولا وسائطَ أو بِدَع، وقد قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
والوسطيّةُ في ذاتِ العبادةِ أن لا يُعبَد الله إلاّ بما شرعَه من طريقِ رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم، فالتقصيرُ فيها جفاءٌ وفِسق، والزيادةُ عليها بدعةٌ وغلوّ.
والوسطيّةُ في الولاء والبراء لا تحتاج إلى مزايدةٍ أو تحكُّم، فقد حَكَمها الله تعالى بقوله: لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8، 9]. وكذا الآياتُ المحكَمة والسُّنَن المفصّلة لطريقةِ التعامل مع غير المسلمين من حربيّين وذمّيّين ومعاهَدين ومستأمَنين ومن لم تبلُغه الدعوة أصلاً.
أمّا في الرجال والنساء فقد قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، وفي العلاقةِ بين الزوجين: إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]. وكذا في السلوك فإنَّ الذي قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [لقمان:33] هو الذي قال سبحانه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ [الأعراف:32].
فهذا هو الصّراط المستقيم الذي جاءت به الشريعةُ من الحملِ على الوسَط من غيرِ إفراط ولا تفريط، فمن خرَج عنه فقد خرجَ عن قَصد الشارع.
وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحثُّ على القصدِ في الأمورِ فقال لمعاذٍ رضي الله عنه لما أطالَ بالناس في الصلاة: « أفتَّان أنت يا معاذ؟! » رواه النسائي وأحمد (6) ، وقال: « سدِّدوا وقارِبوا، واغدُوا وروحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا » رواه البخاري (7) ، وردَّ على من أراد التبتُّلَ وهجرَ النساء والانقطاعَ للعبادة بقوله: « من رغِب عن سنّتي فليس منّي » رواه مسلم (8) . وقال الشاطبيّ رحمه الله: "فإنّ الخروجَ إلى الأطرافِ خارجٌ عن العدل، ولا تقومُ به مصلحةُ الخَلق، فإنّ طرفَ التشديد وطرفَ الانحلال كلاهما مَهلَكة" (9) .
أيّها المسلمون، إنّ شريعةَ الإسلام بذاتها وبكلِّ تفاصيلها هي الوسطُ، فليست بحاجةٍ إلى تخفيفٍ أو تنقيص، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]. وعليه فإنّ الواجبَ على المسلمين أن يعُوا هذه الحقيقةَ لئلاّ يُنتَقصَ عليهم دينُهم بحجَّة الوسطيّة، فالله تعالى قد حكَم فجعل شريعتَه هي الوسَط، فمن نقص أو زادَ فعن الوسطيّة قد حاد، وشريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]. ولكن يبقَى الفقهُ والعِلم الذي به يُعرَف الموقف الشرعيّ الصحيح من كلِّ واقِعة، وهذا هو دورُ العلماء الربانيِّين الراسخين في العلم بما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء، يعرِفون مرادَ الله من شرعِه، ويتّبعون الدليلَ وليس الهوى أو الفكرَ المجرَّد، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:43، 44].
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يوم الدين، منه نستمدُّ الهدايةَ للطريق القويم والصراط المستقيم، ونسأله أن يجنِّبَنا طُرُقَ الضّلالة، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملك الحقّ المبين، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الأمين، صلّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أمّا بعد: أيّها المسلمون، إنَّ الوسطيّةَ التي تلتزمُها الأمّةُ أو طائفةٌ منها هي التي تنجِيها بإذنِ الله من الأزماتِ وتُعينها على البقاء والثّبات، فقد كُسِر الخوارج كما دُحِرتِ المرجئة وإن كانوا في كلِّ عصرٍ ينبتُون، لكن سرعانَ ما يُهزَمون، إلاّ أنّ الأمّةَ الوسط باقيةٌ بمبادئها وثَباتها، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17].
وإنَّ المسلمَ المتمَسِّكَ بكتابِ ربِّه السائرَ على منهاجِ رسوله القاصدَ النجاةَ في الدّنيا والآخرة لا تصدُّه الفتَن عن دينه، فلا يتنازلُ عمّا لديه من حقٍّ لأنّ بعضَ من انتسبَ إليه أخطأَ في توظيفِه أو رجاءَ التقارُب مع أهلِ الهوى والضلال، فدينُ الله كامِل، وانتقاصُ جُزءٍ منه خشيةَ الفهمِ الخاطِئ تغييبٌ للوعي وسببٌ لخَلط المفاهيم، يُنتِج جيلاً مفرِطًا أو مفرِّطًا، يأخذ جانبًا من الدّين ويجعلُه هو الدّين.
وعليه فإنَّ الواجبَ على المربِّين والمصلِحين والإعلاميّين والقائمين على مناهجِ التعليم مراعاةُ ذلك وتبصير الناس بأمور دينهم وما يجبُ عليهم بالتبصير النافي للخَلط، لا أن تُوارَى النصوص أو تحوَّر، فإنَّ العلمَ الشّرعيَّ الصافي ضمانةٌ بإذنِ الله تعالى ضِدَّ الانحراف الفكريّ أيًّا كان اتِّجاهُه، وهذا هو التوازُن الذي اتَّسمَت به هذه الشريعة. وكما يحرُم التطبُّب ممَّن لا يُحسِنه والفتوى ممَّن لا يعلَمها فكذا يحرُم الخَوضُ في دينِ الله بلا علمٍ، واللهُ من وراءِ القصد.
هذا، وصلّوا وسلِّموا على مَن أمركم الله بالصّلاة والسّلام عليه في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ الميامين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

الوسطية

إنَّ مفهومَ الوسطية الحقيقيّ هو التمسُّكِ بجميع تعاليم الشريعة السّمحة بذاتها؛ لأنّ الإسلامَ بتعاليمه وشريعته يمثِّل الوسطيّةَ الحقيقيّة في العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملة.
فالوسطيةُ في العقيدةِ أن يُعبَد الله وحدَه لا شريكَ له، وأن تصرَفَ جميع أنواعِ العبادة له من غير شركٍ ولا كهَنوت ولا وسائطَ أو بِدَع، وقد قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
والوسطيّةُ في ذاتِ العبادةِ أن لا يُعبَد الله إلاّ بما شرعَه من طريقِ رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم، فالتقصيرُ فيها جفاءٌ وفِسق، والزيادةُ عليها بدعةٌ وغلوّ.
والوسطيّةُ في الولاء والبراء لا تحتاج إلى مزايدةٍ أو تحكُّم، فقد حَكَمها الله تعالى بقوله: لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8، 9]. وكذا الآياتُ المحكَمة والسُّنَن المفصّلة لطريقةِ التعامل مع غير المسلمين من حربيّين وذمّيّين ومعاهَدين ومستأمَنين ومن لم تبلُغه الدعوة أصلاً.
أمّا في الرجال والنساء فقد قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، وفي العلاقةِ بين الزوجين: إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]. وكذا في السلوك فإنَّ الذي قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [لقمان:33] هو الذي قال سبحانه: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ [الأعراف:32].
فهذا هو الصّراط المستقيم الذي جاءت به الشريعةُ من الحملِ على الوسَط من غيرِ إفراط ولا تفريط، فمن خرَج عنه فقد خرجَ عن قَصد الشارع.
وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحثُّ على القصدِ في الأمورِ فقال لمعاذٍ رضي الله عنه لما أطالَ بالناس في الصلاة: « أفتَّان أنت يا معاذ؟! » رواه النسائي وأحمد (6) ، وقال: « سدِّدوا وقارِبوا، واغدُوا وروحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا » رواه البخاري (7) ، وردَّ على من أراد التبتُّلَ وهجرَ النساء والانقطاعَ للعبادة بقوله: « من رغِب عن سنّتي فليس منّي » رواه مسلم (8) . وقال الشاطبيّ رحمه الله: "فإنّ الخروجَ إلى الأطرافِ خارجٌ عن العدل، ولا تقومُ به مصلحةُ الخَلق، فإنّ طرفَ التشديد وطرفَ الانحلال كلاهما مَهلَكة" (9) .
أيّها المسلمون، إنّ شريعةَ الإسلام بذاتها وبكلِّ تفاصيلها هي الوسطُ، فليست بحاجةٍ إلى تخفيفٍ أو تنقيص، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]. وعليه فإنّ الواجبَ على المسلمين أن يعُوا هذه الحقيقةَ لئلاّ يُنتَقصَ عليهم دينُهم بحجَّة الوسطيّة، فالله تعالى قد حكَم فجعل شريعتَه هي الوسَط، فمن نقص أو زادَ فعن الوسطيّة قد حاد، وشريعةُ الله كامِلة شاملةٌ لا تحتاج إلى تعديلٍ أو توجيه، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]. ولكن يبقَى الفقهُ والعِلم الذي به يُعرَف الموقف الشرعيّ الصحيح من كلِّ واقِعة، وهذا هو دورُ العلماء الربانيِّين الراسخين في العلم بما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء، يعرِفون مرادَ الله من شرعِه، ويتّبعون الدليلَ وليس الهوى أو الفكرَ المجرَّد، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:43، 44].
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يوم الدين، منه نستمدُّ الهدايةَ للطريق القويم والصراط المستقيم، ونسأله أن يجنِّبَنا طُرُقَ الضّلالة، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملك الحقّ المبين، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الأمين، صلّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.
أمّا بعد: أيّها المسلمون، إنَّ الوسطيّةَ التي تلتزمُها الأمّةُ أو طائفةٌ منها هي التي تنجِيها بإذنِ الله من الأزماتِ وتُعينها على البقاء والثّبات، فقد كُسِر الخوارج كما دُحِرتِ المرجئة وإن كانوا في كلِّ عصرٍ ينبتُون، لكن سرعانَ ما يُهزَمون، إلاّ أنّ الأمّةَ الوسط باقيةٌ بمبادئها وثَباتها، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17].
وإنَّ المسلمَ المتمَسِّكَ بكتابِ ربِّه السائرَ على منهاجِ رسوله القاصدَ النجاةَ في الدّنيا والآخرة لا تصدُّه الفتَن عن دينه، فلا يتنازلُ عمّا لديه من حقٍّ لأنّ بعضَ من انتسبَ إليه أخطأَ في توظيفِه أو رجاءَ التقارُب مع أهلِ الهوى والضلال، فدينُ الله كامِل، وانتقاصُ جُزءٍ منه خشيةَ الفهمِ الخاطِئ تغييبٌ للوعي وسببٌ لخَلط المفاهيم، يُنتِج جيلاً مفرِطًا أو مفرِّطًا، يأخذ جانبًا من الدّين ويجعلُه هو الدّين.
وعليه فإنَّ الواجبَ على المربِّين والمصلِحين والإعلاميّين والقائمين على مناهجِ التعليم مراعاةُ ذلك وتبصير الناس بأمور دينهم وما يجبُ عليهم بالتبصير النافي للخَلط، لا أن تُوارَى النصوص أو تحوَّر، فإنَّ العلمَ الشّرعيَّ الصافي ضمانةٌ بإذنِ الله تعالى ضِدَّ الانحراف الفكريّ أيًّا كان اتِّجاهُه، وهذا هو التوازُن الذي اتَّسمَت به هذه الشريعة. وكما يحرُم التطبُّب ممَّن لا يُحسِنه والفتوى ممَّن لا يعلَمها فكذا يحرُم الخَوضُ في دينِ الله بلا علمٍ، واللهُ من وراءِ القصد.
هذا، وصلّوا وسلِّموا على مَن أمركم الله بالصّلاة والسّلام عليه في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ الميامين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:31 م  |  من طرف General

0 التعليقات :


--------------------------------------------------------------------------------
مسؤولية أمن الأمة
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
ملخص الخطبة
مثل الآمرين بالمعروف والتاركين له.
وجوب الأخذ على أيدي السفهاء.
أمن الأمة مسؤولية الجميع.
المفسدون في الأرض.
حرمة الأنفس المعصومة.
مكر الأعداء بالأمة الإسلامية.
الخطبة الأولى
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَل الواقع في حُدود الله والقائم فيها كمثل قوم استهموا سفينةً، فكان بعضهم أسفلَها وبعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلِها إذا استقوا فأتوا إلى مَن فوقهم فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقًا نستقي منه الماء ولم نؤذٍ من فوقنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تركوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا ونجوا جميعًا» (1) .
أيها المسلم، إنَّ تدبُّر هذا المثلِ ليعطي المسلمَ تصوّرًا صحيحًا؛ أنّ الواجبَ على الجميع التعاونُ على البر والتقوى، وأن الواجبَ الأخذُ على أيدي السفهاء حتى لا يتمكّنوا من مرادهم، الأخذ على أيديهم وفرض الحق عليهم، فإنّ الأمةَ إذا لم يأخذ عاقلُها على يدي سفيهها وعالمها على يدِ جاهلها فإنّ الفوضى تعمّ الأمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنّه على الحق أطرًا، ولتقصرنَّه على الحقّ قصرًا، أو ليوشكنّ الله أن يضربَ قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم» (2) .
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام أمةُ تعاونٍ على الخير والتقوى، أمّةٌ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تأمر بالمعروف وتحثّ عليه، وتنهى عن المنكر وتحذّر منه.
أمةَ الإسلام، إذا لم يؤخَذ على يد الظالم وإذا لم يكن لدى الجميع تعاونٌ على الحقّ وقطع خطِّ الرجعة على كلّ مفسدٍ وآثم، حتى يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ وانتباه، وأن هذا المجرمَ والظالم لا يروج باطله وظلمُه على المجتمع المسلم.
أيها المسلم، إنّ واجبك أن تكونَ حريصًا على مصلحةِ أمتك حرصًا عظيمًا كما تكون حريصًا على مصلحة نفسك؛ لأنّ حرصك على مصلحة أمّتك يدلّ على وجود الخير والهدى في نفسك.
أيها المسلم، إنّ أهلَ الفساد والإجرام إذا لم يجِدوا لهم أرضيّة في أيّ مكان ووجدوا من المجتمع يقظةً وانتباهًا وأخذًا على يدِ كلّ مفسد وعدم تمكينه من إجرامه وفساده، عند ذلك يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ فيكفّ شرّه وينتهي المسلمون من ضرره وأذاه.
أيها المسلم، إنّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم يقول: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا: يا رسول الله، ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟! قال: تردعه عن الظلم، فذلك نصرك إياه» (3) .
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام تُصاب أحيانًا من فئاتٍ فسدت ضمائرها، ومن فئاتٍ ضعُف الإيمان في نفوسها، ومن فئات لا تبالي بمصلةِ دينها ودنياها، ومن فئاتٍ تغلغل الشرّ في نفوسِهم، فسَدت ضمائرهم، وقلّ حياؤهم، وانعدم الخير في نفوسهم، فهم لا يبالون بأيّ ضررٍ ألحقوه للأمة؛ لأنهم - والعياذ بالله - يعيشون مرضى القلوب، لا يهتمون بمصالح الأمة، ولا يقيمون لأمنها ومصلحتها أيَّ أمر.
هذه الفئةُ من الناس غرَّر بهم الأعداء، وخدَعهم الأعداء، وانقادوا للأعداءِ، فصاروا - والعياذ بالله - خنجرًا مسمومًا في نحور الأمة المسلمة.
هذه الفئةُ المنحرفة لا يمكن أن نتّقي شرَّها إلاَّ بتعاونٍ من الأمّة من أفرادها جميعًا؛ لأنّ الأمةَ تشعر أنّ ما تنعَم به من أمنٍ واستقرار وطمأنينة ورغدِ من العيش، تلك النعمةُ التي مَنَّ الله بها على الأمة، إنّ أولئك الفئة يسعَون في انتزاع كلّ خير من أيدي الأمة، يسعَون في ضرب الأمة بعضها ببعض، يسعَون في نشر الفوضى بين المجتمَع المسلم، والمجتمعُ المسلم يجِب أن يكونَ يقظًا حذِرًا منتبِهًا لكلّ مجرم يريد للأمة شرًّا، أن يأخذَ على يده، ولا يمكِّنه من ظلمه وجَوره، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، وإن تفاوتت المسؤولية على قدرِ مسؤولية الإنسان، لكن كلّ مسلم مسؤول عن أمن أمته، مسؤولٌ عن سلامة دينها ودنياها، مسؤول كلَّ المسؤولية؛ لأنّه إذا تقاعس كلّ فرد عن مسؤوليته وجد العدوّ المجرمُ أرضيةً خصبة ليبثّ فيها سمومه وأحقادَه.
فالواجب على الجميع تقوى الله، والتعاونُ على البر والتقوى، وأن لا يعينَ مسلم أحدًا على الإثم والعدوان، وأن يأخذَ على يدِ أيّ ظالم أو مفسدٍ يريد نشر الفساد في الأمة.
أيّها المسلم، إنَّ حرمةَ الدماء عند الله عظيمة، وقتل الأبرياء بلا حقٍّ كبيرة من كبائر الذنوب، ومن يستحلُّ قتلَ الأبرياء ويرَى حِلّ دمائهم فإنّ ذلك يخشى عليه أن يكونَ على غير الإسلام؛ لأن قتلَ المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، متوعَّد صاحبها بلعنة الله وغضبه والخلودِ في عذابه، فمَن يستحلّ دمَّ المسلم بغير حقّ ويرى أن دمَ هذا المسلم حلالٌ له سفكُه فإنّ ذلك مصابٌ في دينه والعياذ بالله.
أيّها المسلم، إنَّ مسؤوليةَ أمن الأمة يجب أن يتصوّرها كلّ فرد منَّا، وأن يسعى كلّ فردٍ منا في تحقيقها. المجتمعُ المسلم إنما أوتي من تكاسُل أبنائه وضعفِ المسؤولية، فالواجبُ على الجميع القيامُ بهذا الواجب، كلٌّ على قدره؛ لأنّ أمنَ الأمة أمن يعمّ كلَّ أحد ونعمة يعيش في ظلالها كلّ أحد، فالواجب تقوَى الله في السرّ والعلانية، الواجبُ السعيُ في الخير ودفع الشرّ بكل مستطاع، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، من يتهاون في هذا أو يستخفّ بهذا أو لا يَرى هذا واجبًا فذاك لقلّة علمه وسوءِ تصوّره.
أيرضى المسلمُ لهذا الأمن العظيم أن يسعَى مفسدٌ في تكدير هذهِ النّعمة أو السعي على إضعاف شأنها؟! لا يرضى بذلك مسلم يؤمِن بالله واليوم الآخر.
إن هذه الفئاتِ المجرمة وما تقدم عليه من ضرر وبلاء لا شكّ أن هذا دليل على ضعفِ الإيمان في القلوب، إذ لو وجد إيمان صحيح لردَع عن تلك الجرائمِ العظيمة والفضائح الكبيرة.
أيّها المسلم، إنَّ الله جل وعلا يقول: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، وأيّ منكرٍ أعظم من منكرِ من يسِفك دماءَ الأمة ويسعى في الإفساد، والله جل وعلا لا يحب المفسدين؟! بأيّ وسيلةٍ استحلّوا دماء الأمة؟! بأيّ وسيلة سعوا في الأرض بالفساد؟! إن هذا دليلٌ على فساد إيمانهم، إنّ هذا دليل على أنهم مجرِمون في أنفسِهم، تلك الجريمة التي أدّت إلى سفك دماء الأبرياء وقتلِ الأبرياء والعياذ بالله من حالة السوء.
إنّ الله جل وعلا يقول لنا في كتابه العزيز: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:204، 205]، يعجبك قولُه وأنّه يدعو إلى خير ويدعو ويدعو، ولكن والعياذ بالله وراءَ تلك الدعوةِ الباطلة أعمالٌ سيّئة تدلّ على فساد هذا القول وكذِب هذا القول وتلك الادّعاءات الباطلة، إذ لو كان على حقّ وهدى لعلم أن احترامَ الدماء أمر مطلوب من المسلم شرعًا، وعلِم أنّ ترويع الآمنين خطرُه عظيم وذنبه كبير، فلا يحلّ لمسلم أن يتهاونَ في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتساهَل في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتغاضَى عن كلّ مجرم يريد للأمّة البلاءَ والشر.
إنَّ الأمة مسؤولة كلّها عن أمنها وعن طمأنينتها وعن رغَد عيشها، مسؤولةٌ عن حِفظ دينها وأخلاقها، وإنها مسؤوليةُ كلّ فرد منّا على قدره، وإن كان من له الأمرُ عليه واجِب، لكن كلّ فرد عليه أن يشعر بمسؤوليتِه نحو أمنِ أمّته واستقرارها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثِّل بهذه السفينةِ، أناس في أعلاها وأناس في أسفلها، مَن بأعلاها عندهم ماء، ومن بالأسفل يصعدون ليأخذوا الماء، أرادوا أن يخرِقوا في السفينة خرقًا لينالوا الماء من قريب، فالنبيّ قال: «إن هم تركوهم هلَكوا جميعًا» (4) ، دخل الماءُ السفينةَ فقلب أوّلها وآخرها، وإن أخذوا على أيديهم ولم يمكّنوهم من مُرادهم فإنّ النجاة للجميع.
وهكذا المسلم إذا رأى من يفسِد في الأرض أو يسعَى في الفساد أو يخطّط لهذه المكائد والضلال، إذا علم به فإنّه يجب أن يكشِف حاله وأن يحولَ بينه وبين مرادِه حتى تأمنَ الأمة جميعًا، يأمنَ هذا وهذا، وإن تغاضى الناس عن المفسدين ولم يبالوا بهم وتستَّروا عليهم وتغاضّى أيّ إنسان عنهم فإنّ ذلك فساد يعمّ الجميع. فالواجب تقوى الله في كلّ الأحوال، الواجب التناصحُ والتعاون وتبصير الجاهلين وتوضيحُ الحقّ لأولئك المنحرفين حتى يعلَموا الخطأ الذي هم واقعون فيه، فيجتنبوا باطلَهم ويعودوا إلى رشدهم وينيبوا إلى ربهم.
أيها المسلم، مصلحةُ الأمة مصلحةٌ عظيمة، يشعر بأهمّيتها من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله، من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله يشعر بمسؤولية الأمّة وأنّ مسؤوليتَها مسؤولية عظمى، كلّ مسلمٍ يساهم في هذا الواجب ويسعى في الخير جهدَه لكي يحقّق للأمةِ ما تسمو إليه من خلق.
إنّ العالمَ الإسلاميّ وهو يواجه التحدياتِ العظيمة في كلّ أرضٍ من أرضه واجبٌ عليه أن يستيقظَ وينتبه ويحفظَ شبابه ويطهِّر مجتمعاته من دعاةِ الفرقة والضلال. المجتمع المسلمُ يعاني حملاتٍ من أعدائه في كلّ مكان، تسلَّط الأعداءُ على المسلمين، ففي كلّ مكانٍ تسمع قتالاً عظيمًا وقتلاً وسَلبًا ونهبًا والعياذ بالله، تلك الأمة المسلمةُ التي فرَّطت في دينها سلِّطت عليها هذه الفتن والمصائب. فالواجب تقوى الله، والواجب الرجوعُ إلى الله والإنابة إليه والقيام بالواجب والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكَر على ما يحبّ الله ويرضاه، لكي يأمنَ المسلمون ويعيشوا حياةً سعيدة طيبة ويبصِّروا الجاهلَ ويأخذوا على يد السفيه ويدلّوه على الطريق المستقيم؛ لأنّ الأمة لا صلاح لها إلاَّ بذلك؛ بتعاونِ أفرادها مع مسؤوليها، وتعاونِ الجميع على الخير، واليقظةِ والانتباه لكلّ مَن يريد الفسادَ في الأرض أن لا يمكَّن ولا يترَك لكي ينفّذ جريمتَه وظلمه، بل يؤخَذ على أيدي الجميع لكي تعيش الأمة في سعادةٍ وأمن وطمأنينة، ولذا قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9].
وهكذا المسلم إذا رأى من يفسِد في الأرض أو يسعَى في الفساد أو يخطّط لهذه المكائد والضلال، إذا علم به فإنّه يجب أن يكشِف حاله وأن يحولَ بينه وبين مرادِه حتى تأمنَ الأمة جميعًا، يأمنَ هذا وهذا، وإن تغاضى الناس عن المفسدين ولم يبالوا بهم وتستَّروا عليهم وتغاضّى أيّ إنسان عنهم فإنّ ذلك فساد يعمّ الجميع. فالواجب تقوى الله في كلّ الأحوال، الواجب التناصحُ والتعاون وتبصير الجاهلين وتوضيحُ الحقّ لأولئك المنحرفين حتى يعلَموا الخطأ الذي هم واقعون فيه، فيجتنبوا باطلَهم ويعودوا إلى رشدهم وينيبوا إلى ربهم.
أيها المسلم، مصلحةُ الأمة مصلحةٌ عظيمة، يشعر بأهمّيتها من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله، من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله يشعر بمسؤولية الأمّة وأنّ مسؤوليتَها مسؤولية عظمى، كلّ مسلمٍ يساهم في هذا الواجب ويسعى في الخير جهدَه لكي يحقّق للأمةِ ما تسمو إليه من خلق.
إنّ العالمَ الإسلاميّ وهو يواجه التحدياتِ العظيمة في كلّ أرضٍ من أرضه واجبٌ عليه أن يستيقظَ وينتبه ويحفظَ شبابه ويطهِّر مجتمعاته من دعاةِ الفرقة والضلال. المجتمع المسلمُ يعاني حملاتٍ من أعدائه في كلّ مكان، تسلَّط الأعداءُ على المسلمين، ففي كلّ مكانٍ تسمع قتالاً عظيمًا وقتلاً وسَلبًا ونهبًا والعياذ بالله، تلك الأمة المسلمةُ التي فرَّطت في دينها سلِّطت عليها هذه الفتن والمصائب. فالواجب تقوى الله، والواجب الرجوعُ إلى الله والإنابة إليه والقيام بالواجب والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكَر على ما يحبّ الله ويرضاه، لكي يأمنَ المسلمون ويعيشوا حياةً سعيدة طيبة ويبصِّروا الجاهلَ ويأخذوا على يد السفيه ويدلّوه على الطريق المستقيم؛ لأنّ الأمة لا صلاح لها إلاَّ بذلك؛ بتعاونِ أفرادها مع مسؤوليها، وتعاونِ الجميع على الخير، واليقظةِ والانتباه لكلّ مَن يريد الفسادَ في الأرض أن لا يمكَّن ولا يترَك لكي ينفّذ جريمتَه وظلمه، بل يؤخَذ على أيدي الجميع لكي تعيش الأمة في سعادةٍ وأمن وطمأنينة، ولذا قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9].
إنّ المجتمعَ المسلمَ أفرادُه مسؤولون كلّهم جميعًا مطالبون بالسعي فيما يؤمن للأمة ويصلِحها ويدفع عنها كيد الكائدين. إنّ أعداء الإسلام لا يبالون بما يحصُل في الأمّة المسلمة من فتنٍ وبلاء؛ لأنهم يسخّرون ضعفاء العقول ومن قلّ إيمانهم وفسَدت ضمائرهم وتلوّثوا بكلّ شرّ وبلاء، يسعون في الاستحواذ عليهم وتوجيههم لأغراضهم الدنيئة، فلا بدّ للمسلمين من يقظةٍ وانتباه واستعانة بالله وثقةٍ بالله وتعاون على البر والتقوى وتآمر بالمعروف وتناهٍ عن المنكر، الأب يجب عليه أن يتّقي الله في أبنائه ويحرصَ على توجيههم ويحذَر أن ينزلقوا ويسألهم عمّن يصاحبون ومن يخالطون ومن يسهرون معه، لا بدّ للأمة من هذا حتى يكونَ عندها انتباهٌ واهتمام بالمصالح في الحاضر والمستقبل، وإذا حسُنت النية وصدَقت النية وأخلَص العبد لله أعماله فإنّ الله جل وعلا يوفّقه لكل خير، المهمّ التعاون على البرّ والتقوى، المهمّ أن لا ندعَ للمجرم أن ينفّذ إجرامه، ولا للمفسد أن ينفّذ فسادَه، ولا بدّ أن يكونَ يقظةٌ من الجميع حتى تسلمَ الأمة من خطر أولئك المفسدين.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسدادَ والعون على كل خير، وأن يهديَ ضالَّ المسلمين ويثبّت مطيعهم ويحفظَ نعمته عنَّا من الزوال بفضله وكرمه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
أخي المسلم، أنتَ مسؤولٌ عن دينِك، مسؤولٌ عن إسلامِك، الله سيَسألك عمّا ائتمنك عليه، فقد ائتمنك على هذا الدين فهل قمت به خير قيام؟ مسؤول عن أمن أمّتك وسلامتها، عن سلامة هذا المجتمع، أنت مسؤول على قدر مسؤوليتك.
إنَّ أعداءَ الإسلام يحاربون الأمةَ المسلمة بكلّ ما أوتوا مِن قدُرات، فتارةً يحاربونهم بنشرِ المخدّرات وبثِّها في المجتمعات عندما يجِدون من هو - والعياذ بالله - شقيّ غلب عليه حبّ المادة حتى أدّى ذلك إلى أن يكون سمسارًا يروّج المخدّرات في بلاد الإسلام، ويسعى في بثّها بين المجتمع المسلم، أين الإيمان الذي يردعُك من هذا الشر والفساد؟! أين الإيمان الذي يحول بينك وبين هذِه الجريمة النكراء؟!
يجدون أناسًا يصغون إلى أعداء الإسلام الذين يريدون أن يبثّوا في الأمة الفرقةَ والاختلاف، وأن يكدّروا عليهم أمنهم وطمأنينتَهم، وأن ينشروا الفساد والإجرامَ بين مجتمعاتهم. فلا بدّ للمسلم أن يكونَ يقظًا، وأن يكون حذرًا، من أن يكونَ آلة بيدِ أعدائه، يوجّهونه كيف يريدون، ويسخِّرونه كيف يهوَون. واجبُ المسلم أن يكون له يقظة وانتباهٌ واهتمام بدينه وأمّته، حتى يكون مؤدّيًا للواجب مساهِمًا في صلاح أمّته وحمايتها من كيد المجرمين والضالين، فمن يسعى في فساد الأمّة لا يدري أنّه محارب لله ورسوله، إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة:33]. الفسادُ عامّ في الأخلاق، وفسادٌ في سفكِ الدماء ونهب الأموال وتدميرِ الممتلكات، الواجبُ أن يكونَ الجميع في يقظةٍ وانتباه وحذرٍ من مكائد الأعداء.
فيا أيها المسلم، اتق الله في نفسك، اتّق الله في دينك، واتّق الله في أمّتك، واحذَر أن تكون عونًا للأعداء على أمتك أمة الإسلام، احذَر أن تكونَ ساعيًا في فسادها أو ساعيًا في إلحاقِ الضرر بها، فذاك ينافي إيمانك الصادق، فصاحب الإيمان الصادِق يحمي هذا المجتمعَ بقدر إمكانيّته، ينصح ويدعو إلى الخير، ويوجّه الأمة للخير، ويسعى في بثّ الخير والتحذير من الشرّ ووسائله. أسأل الله أن يعينَ الجميع على كلّ خير.
واعلموا - رحمكم الله - أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هدي محمّد صلى الله عليه وسلم ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا - رحمكم الله - على محمّد صلى الله عليه وسلم كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديّين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

مسؤولية الامن نعمه


--------------------------------------------------------------------------------
مسؤولية أمن الأمة
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
ملخص الخطبة
مثل الآمرين بالمعروف والتاركين له.
وجوب الأخذ على أيدي السفهاء.
أمن الأمة مسؤولية الجميع.
المفسدون في الأرض.
حرمة الأنفس المعصومة.
مكر الأعداء بالأمة الإسلامية.
الخطبة الأولى
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَل الواقع في حُدود الله والقائم فيها كمثل قوم استهموا سفينةً، فكان بعضهم أسفلَها وبعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلِها إذا استقوا فأتوا إلى مَن فوقهم فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقًا نستقي منه الماء ولم نؤذٍ من فوقنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تركوهم وما أرادوا هلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا ونجوا جميعًا» (1) .
أيها المسلم، إنَّ تدبُّر هذا المثلِ ليعطي المسلمَ تصوّرًا صحيحًا؛ أنّ الواجبَ على الجميع التعاونُ على البر والتقوى، وأن الواجبَ الأخذُ على أيدي السفهاء حتى لا يتمكّنوا من مرادهم، الأخذ على أيديهم وفرض الحق عليهم، فإنّ الأمةَ إذا لم يأخذ عاقلُها على يدي سفيهها وعالمها على يدِ جاهلها فإنّ الفوضى تعمّ الأمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنّه على الحق أطرًا، ولتقصرنَّه على الحقّ قصرًا، أو ليوشكنّ الله أن يضربَ قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم» (2) .
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام أمةُ تعاونٍ على الخير والتقوى، أمّةٌ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تأمر بالمعروف وتحثّ عليه، وتنهى عن المنكر وتحذّر منه.
أمةَ الإسلام، إذا لم يؤخَذ على يد الظالم وإذا لم يكن لدى الجميع تعاونٌ على الحقّ وقطع خطِّ الرجعة على كلّ مفسدٍ وآثم، حتى يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ وانتباه، وأن هذا المجرمَ والظالم لا يروج باطله وظلمُه على المجتمع المسلم.
أيها المسلم، إنّ واجبك أن تكونَ حريصًا على مصلحةِ أمتك حرصًا عظيمًا كما تكون حريصًا على مصلحة نفسك؛ لأنّ حرصك على مصلحة أمّتك يدلّ على وجود الخير والهدى في نفسك.
أيها المسلم، إنّ أهلَ الفساد والإجرام إذا لم يجِدوا لهم أرضيّة في أيّ مكان ووجدوا من المجتمع يقظةً وانتباهًا وأخذًا على يدِ كلّ مفسد وعدم تمكينه من إجرامه وفساده، عند ذلك يعلم أنّ الأمةَ في يقظةٍ فيكفّ شرّه وينتهي المسلمون من ضرره وأذاه.
أيها المسلم، إنّ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم يقول: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا: يا رسول الله، ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟! قال: تردعه عن الظلم، فذلك نصرك إياه» (3) .
أيها المسلم، إنّ أمةَ الإسلام تُصاب أحيانًا من فئاتٍ فسدت ضمائرها، ومن فئاتٍ ضعُف الإيمان في نفوسها، ومن فئات لا تبالي بمصلةِ دينها ودنياها، ومن فئاتٍ تغلغل الشرّ في نفوسِهم، فسَدت ضمائرهم، وقلّ حياؤهم، وانعدم الخير في نفوسهم، فهم لا يبالون بأيّ ضررٍ ألحقوه للأمة؛ لأنهم - والعياذ بالله - يعيشون مرضى القلوب، لا يهتمون بمصالح الأمة، ولا يقيمون لأمنها ومصلحتها أيَّ أمر.
هذه الفئةُ من الناس غرَّر بهم الأعداء، وخدَعهم الأعداء، وانقادوا للأعداءِ، فصاروا - والعياذ بالله - خنجرًا مسمومًا في نحور الأمة المسلمة.
هذه الفئةُ المنحرفة لا يمكن أن نتّقي شرَّها إلاَّ بتعاونٍ من الأمّة من أفرادها جميعًا؛ لأنّ الأمةَ تشعر أنّ ما تنعَم به من أمنٍ واستقرار وطمأنينة ورغدِ من العيش، تلك النعمةُ التي مَنَّ الله بها على الأمة، إنّ أولئك الفئة يسعَون في انتزاع كلّ خير من أيدي الأمة، يسعَون في ضرب الأمة بعضها ببعض، يسعَون في نشر الفوضى بين المجتمَع المسلم، والمجتمعُ المسلم يجِب أن يكونَ يقظًا حذِرًا منتبِهًا لكلّ مجرم يريد للأمة شرًّا، أن يأخذَ على يده، ولا يمكِّنه من ظلمه وجَوره، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، وإن تفاوتت المسؤولية على قدرِ مسؤولية الإنسان، لكن كلّ مسلم مسؤول عن أمن أمته، مسؤولٌ عن سلامة دينها ودنياها، مسؤول كلَّ المسؤولية؛ لأنّه إذا تقاعس كلّ فرد عن مسؤوليته وجد العدوّ المجرمُ أرضيةً خصبة ليبثّ فيها سمومه وأحقادَه.
فالواجب على الجميع تقوى الله، والتعاونُ على البر والتقوى، وأن لا يعينَ مسلم أحدًا على الإثم والعدوان، وأن يأخذَ على يدِ أيّ ظالم أو مفسدٍ يريد نشر الفساد في الأمة.
أيّها المسلم، إنَّ حرمةَ الدماء عند الله عظيمة، وقتل الأبرياء بلا حقٍّ كبيرة من كبائر الذنوب، ومن يستحلُّ قتلَ الأبرياء ويرَى حِلّ دمائهم فإنّ ذلك يخشى عليه أن يكونَ على غير الإسلام؛ لأن قتلَ المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، متوعَّد صاحبها بلعنة الله وغضبه والخلودِ في عذابه، فمَن يستحلّ دمَّ المسلم بغير حقّ ويرى أن دمَ هذا المسلم حلالٌ له سفكُه فإنّ ذلك مصابٌ في دينه والعياذ بالله.
أيّها المسلم، إنَّ مسؤوليةَ أمن الأمة يجب أن يتصوّرها كلّ فرد منَّا، وأن يسعى كلّ فردٍ منا في تحقيقها. المجتمعُ المسلم إنما أوتي من تكاسُل أبنائه وضعفِ المسؤولية، فالواجبُ على الجميع القيامُ بهذا الواجب، كلٌّ على قدره؛ لأنّ أمنَ الأمة أمن يعمّ كلَّ أحد ونعمة يعيش في ظلالها كلّ أحد، فالواجب تقوَى الله في السرّ والعلانية، الواجبُ السعيُ في الخير ودفع الشرّ بكل مستطاع، هذه مسؤوليةُ كلّ فرد منا، من يتهاون في هذا أو يستخفّ بهذا أو لا يَرى هذا واجبًا فذاك لقلّة علمه وسوءِ تصوّره.
أيرضى المسلمُ لهذا الأمن العظيم أن يسعَى مفسدٌ في تكدير هذهِ النّعمة أو السعي على إضعاف شأنها؟! لا يرضى بذلك مسلم يؤمِن بالله واليوم الآخر.
إن هذه الفئاتِ المجرمة وما تقدم عليه من ضرر وبلاء لا شكّ أن هذا دليل على ضعفِ الإيمان في القلوب، إذ لو وجد إيمان صحيح لردَع عن تلك الجرائمِ العظيمة والفضائح الكبيرة.
أيّها المسلم، إنَّ الله جل وعلا يقول: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، وأيّ منكرٍ أعظم من منكرِ من يسِفك دماءَ الأمة ويسعى في الإفساد، والله جل وعلا لا يحب المفسدين؟! بأيّ وسيلةٍ استحلّوا دماء الأمة؟! بأيّ وسيلة سعوا في الأرض بالفساد؟! إن هذا دليلٌ على فساد إيمانهم، إنّ هذا دليل على أنهم مجرِمون في أنفسِهم، تلك الجريمة التي أدّت إلى سفك دماء الأبرياء وقتلِ الأبرياء والعياذ بالله من حالة السوء.
إنّ الله جل وعلا يقول لنا في كتابه العزيز: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة:204، 205]، يعجبك قولُه وأنّه يدعو إلى خير ويدعو ويدعو، ولكن والعياذ بالله وراءَ تلك الدعوةِ الباطلة أعمالٌ سيّئة تدلّ على فساد هذا القول وكذِب هذا القول وتلك الادّعاءات الباطلة، إذ لو كان على حقّ وهدى لعلم أن احترامَ الدماء أمر مطلوب من المسلم شرعًا، وعلِم أنّ ترويع الآمنين خطرُه عظيم وذنبه كبير، فلا يحلّ لمسلم أن يتهاونَ في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتساهَل في هذا الواجب، ولا يحلّ لمسلم أن يتغاضَى عن كلّ مجرم يريد للأمّة البلاءَ والشر.
إنَّ الأمة مسؤولة كلّها عن أمنها وعن طمأنينتها وعن رغَد عيشها، مسؤولةٌ عن حِفظ دينها وأخلاقها، وإنها مسؤوليةُ كلّ فرد منّا على قدره، وإن كان من له الأمرُ عليه واجِب، لكن كلّ فرد عليه أن يشعر بمسؤوليتِه نحو أمنِ أمّته واستقرارها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثِّل بهذه السفينةِ، أناس في أعلاها وأناس في أسفلها، مَن بأعلاها عندهم ماء، ومن بالأسفل يصعدون ليأخذوا الماء، أرادوا أن يخرِقوا في السفينة خرقًا لينالوا الماء من قريب، فالنبيّ قال: «إن هم تركوهم هلَكوا جميعًا» (4) ، دخل الماءُ السفينةَ فقلب أوّلها وآخرها، وإن أخذوا على أيديهم ولم يمكّنوهم من مُرادهم فإنّ النجاة للجميع.
وهكذا المسلم إذا رأى من يفسِد في الأرض أو يسعَى في الفساد أو يخطّط لهذه المكائد والضلال، إذا علم به فإنّه يجب أن يكشِف حاله وأن يحولَ بينه وبين مرادِه حتى تأمنَ الأمة جميعًا، يأمنَ هذا وهذا، وإن تغاضى الناس عن المفسدين ولم يبالوا بهم وتستَّروا عليهم وتغاضّى أيّ إنسان عنهم فإنّ ذلك فساد يعمّ الجميع. فالواجب تقوى الله في كلّ الأحوال، الواجب التناصحُ والتعاون وتبصير الجاهلين وتوضيحُ الحقّ لأولئك المنحرفين حتى يعلَموا الخطأ الذي هم واقعون فيه، فيجتنبوا باطلَهم ويعودوا إلى رشدهم وينيبوا إلى ربهم.
أيها المسلم، مصلحةُ الأمة مصلحةٌ عظيمة، يشعر بأهمّيتها من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله، من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله يشعر بمسؤولية الأمّة وأنّ مسؤوليتَها مسؤولية عظمى، كلّ مسلمٍ يساهم في هذا الواجب ويسعى في الخير جهدَه لكي يحقّق للأمةِ ما تسمو إليه من خلق.
إنّ العالمَ الإسلاميّ وهو يواجه التحدياتِ العظيمة في كلّ أرضٍ من أرضه واجبٌ عليه أن يستيقظَ وينتبه ويحفظَ شبابه ويطهِّر مجتمعاته من دعاةِ الفرقة والضلال. المجتمع المسلمُ يعاني حملاتٍ من أعدائه في كلّ مكان، تسلَّط الأعداءُ على المسلمين، ففي كلّ مكانٍ تسمع قتالاً عظيمًا وقتلاً وسَلبًا ونهبًا والعياذ بالله، تلك الأمة المسلمةُ التي فرَّطت في دينها سلِّطت عليها هذه الفتن والمصائب. فالواجب تقوى الله، والواجب الرجوعُ إلى الله والإنابة إليه والقيام بالواجب والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكَر على ما يحبّ الله ويرضاه، لكي يأمنَ المسلمون ويعيشوا حياةً سعيدة طيبة ويبصِّروا الجاهلَ ويأخذوا على يد السفيه ويدلّوه على الطريق المستقيم؛ لأنّ الأمة لا صلاح لها إلاَّ بذلك؛ بتعاونِ أفرادها مع مسؤوليها، وتعاونِ الجميع على الخير، واليقظةِ والانتباه لكلّ مَن يريد الفسادَ في الأرض أن لا يمكَّن ولا يترَك لكي ينفّذ جريمتَه وظلمه، بل يؤخَذ على أيدي الجميع لكي تعيش الأمة في سعادةٍ وأمن وطمأنينة، ولذا قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9].
وهكذا المسلم إذا رأى من يفسِد في الأرض أو يسعَى في الفساد أو يخطّط لهذه المكائد والضلال، إذا علم به فإنّه يجب أن يكشِف حاله وأن يحولَ بينه وبين مرادِه حتى تأمنَ الأمة جميعًا، يأمنَ هذا وهذا، وإن تغاضى الناس عن المفسدين ولم يبالوا بهم وتستَّروا عليهم وتغاضّى أيّ إنسان عنهم فإنّ ذلك فساد يعمّ الجميع. فالواجب تقوى الله في كلّ الأحوال، الواجب التناصحُ والتعاون وتبصير الجاهلين وتوضيحُ الحقّ لأولئك المنحرفين حتى يعلَموا الخطأ الذي هم واقعون فيه، فيجتنبوا باطلَهم ويعودوا إلى رشدهم وينيبوا إلى ربهم.
أيها المسلم، مصلحةُ الأمة مصلحةٌ عظيمة، يشعر بأهمّيتها من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله، من في قلبه إيمانٌ وخوف من الله يشعر بمسؤولية الأمّة وأنّ مسؤوليتَها مسؤولية عظمى، كلّ مسلمٍ يساهم في هذا الواجب ويسعى في الخير جهدَه لكي يحقّق للأمةِ ما تسمو إليه من خلق.
إنّ العالمَ الإسلاميّ وهو يواجه التحدياتِ العظيمة في كلّ أرضٍ من أرضه واجبٌ عليه أن يستيقظَ وينتبه ويحفظَ شبابه ويطهِّر مجتمعاته من دعاةِ الفرقة والضلال. المجتمع المسلمُ يعاني حملاتٍ من أعدائه في كلّ مكان، تسلَّط الأعداءُ على المسلمين، ففي كلّ مكانٍ تسمع قتالاً عظيمًا وقتلاً وسَلبًا ونهبًا والعياذ بالله، تلك الأمة المسلمةُ التي فرَّطت في دينها سلِّطت عليها هذه الفتن والمصائب. فالواجب تقوى الله، والواجب الرجوعُ إلى الله والإنابة إليه والقيام بالواجب والأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكَر على ما يحبّ الله ويرضاه، لكي يأمنَ المسلمون ويعيشوا حياةً سعيدة طيبة ويبصِّروا الجاهلَ ويأخذوا على يد السفيه ويدلّوه على الطريق المستقيم؛ لأنّ الأمة لا صلاح لها إلاَّ بذلك؛ بتعاونِ أفرادها مع مسؤوليها، وتعاونِ الجميع على الخير، واليقظةِ والانتباه لكلّ مَن يريد الفسادَ في الأرض أن لا يمكَّن ولا يترَك لكي ينفّذ جريمتَه وظلمه، بل يؤخَذ على أيدي الجميع لكي تعيش الأمة في سعادةٍ وأمن وطمأنينة، ولذا قال الله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة:9].
إنّ المجتمعَ المسلمَ أفرادُه مسؤولون كلّهم جميعًا مطالبون بالسعي فيما يؤمن للأمة ويصلِحها ويدفع عنها كيد الكائدين. إنّ أعداء الإسلام لا يبالون بما يحصُل في الأمّة المسلمة من فتنٍ وبلاء؛ لأنهم يسخّرون ضعفاء العقول ومن قلّ إيمانهم وفسَدت ضمائرهم وتلوّثوا بكلّ شرّ وبلاء، يسعون في الاستحواذ عليهم وتوجيههم لأغراضهم الدنيئة، فلا بدّ للمسلمين من يقظةٍ وانتباه واستعانة بالله وثقةٍ بالله وتعاون على البر والتقوى وتآمر بالمعروف وتناهٍ عن المنكر، الأب يجب عليه أن يتّقي الله في أبنائه ويحرصَ على توجيههم ويحذَر أن ينزلقوا ويسألهم عمّن يصاحبون ومن يخالطون ومن يسهرون معه، لا بدّ للأمة من هذا حتى يكونَ عندها انتباهٌ واهتمام بالمصالح في الحاضر والمستقبل، وإذا حسُنت النية وصدَقت النية وأخلَص العبد لله أعماله فإنّ الله جل وعلا يوفّقه لكل خير، المهمّ التعاون على البرّ والتقوى، المهمّ أن لا ندعَ للمجرم أن ينفّذ إجرامه، ولا للمفسد أن ينفّذ فسادَه، ولا بدّ أن يكونَ يقظةٌ من الجميع حتى تسلمَ الأمة من خطر أولئك المفسدين.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسدادَ والعون على كل خير، وأن يهديَ ضالَّ المسلمين ويثبّت مطيعهم ويحفظَ نعمته عنَّا من الزوال بفضله وكرمه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
أخي المسلم، أنتَ مسؤولٌ عن دينِك، مسؤولٌ عن إسلامِك، الله سيَسألك عمّا ائتمنك عليه، فقد ائتمنك على هذا الدين فهل قمت به خير قيام؟ مسؤول عن أمن أمّتك وسلامتها، عن سلامة هذا المجتمع، أنت مسؤول على قدر مسؤوليتك.
إنَّ أعداءَ الإسلام يحاربون الأمةَ المسلمة بكلّ ما أوتوا مِن قدُرات، فتارةً يحاربونهم بنشرِ المخدّرات وبثِّها في المجتمعات عندما يجِدون من هو - والعياذ بالله - شقيّ غلب عليه حبّ المادة حتى أدّى ذلك إلى أن يكون سمسارًا يروّج المخدّرات في بلاد الإسلام، ويسعى في بثّها بين المجتمع المسلم، أين الإيمان الذي يردعُك من هذا الشر والفساد؟! أين الإيمان الذي يحول بينك وبين هذِه الجريمة النكراء؟!
يجدون أناسًا يصغون إلى أعداء الإسلام الذين يريدون أن يبثّوا في الأمة الفرقةَ والاختلاف، وأن يكدّروا عليهم أمنهم وطمأنينتَهم، وأن ينشروا الفساد والإجرامَ بين مجتمعاتهم. فلا بدّ للمسلم أن يكونَ يقظًا، وأن يكون حذرًا، من أن يكونَ آلة بيدِ أعدائه، يوجّهونه كيف يريدون، ويسخِّرونه كيف يهوَون. واجبُ المسلم أن يكون له يقظة وانتباهٌ واهتمام بدينه وأمّته، حتى يكون مؤدّيًا للواجب مساهِمًا في صلاح أمّته وحمايتها من كيد المجرمين والضالين، فمن يسعى في فساد الأمّة لا يدري أنّه محارب لله ورسوله، إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة:33]. الفسادُ عامّ في الأخلاق، وفسادٌ في سفكِ الدماء ونهب الأموال وتدميرِ الممتلكات، الواجبُ أن يكونَ الجميع في يقظةٍ وانتباه وحذرٍ من مكائد الأعداء.
فيا أيها المسلم، اتق الله في نفسك، اتّق الله في دينك، واتّق الله في أمّتك، واحذَر أن تكون عونًا للأعداء على أمتك أمة الإسلام، احذَر أن تكونَ ساعيًا في فسادها أو ساعيًا في إلحاقِ الضرر بها، فذاك ينافي إيمانك الصادق، فصاحب الإيمان الصادِق يحمي هذا المجتمعَ بقدر إمكانيّته، ينصح ويدعو إلى الخير، ويوجّه الأمة للخير، ويسعى في بثّ الخير والتحذير من الشرّ ووسائله. أسأل الله أن يعينَ الجميع على كلّ خير.
واعلموا - رحمكم الله - أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هدي محمّد صلى الله عليه وسلم ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا - رحمكم الله - على محمّد صلى الله عليه وسلم كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديّين...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:30 م  |  من طرف General

0 التعليقات :


--------------------------------------------------------------------------------
الوسطيّة
صالح بن محمد آل طالب
ملخص الخطبة
الحكمة من الخلق وتنزيل الشرائع.
الشريعة الخاتمة.
مِن سمات شريعة الإسلام.
سبب الحديث عن الوسطية.
مفهوم الوسطية.
الوسطية هي الإسلام.
واجب المصلحين والإعلاميين والتربويّين.
الخطبة الأولى
أمّا بعد: أيّها المسلمون، أوصيكم ونفسِي بتقوى الله عزّ وجلّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ أي: اجعَلوا بينكم وبين عذابِه وقايةً لكم بفعلِ أوامِره واجتنابِ نواهيه، وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ مستسلمون لله في أمرِه ونهيه، راضون بشرعِه وحُكمه، فمَن التَزَم الإسلامَ بالتّقوى فاز في الدّنيا والأُخْرَى، ومن قلَّ تقواه زَلَّ في وَحلِ الشهوات، ومن لم يستسلِم لله ضلَّ في تيهِ الشبُهات.
وبعد: أيّها المؤمنون، خلق الله البشرَ ليعبدوه، وأورَثهم الأرضَ ليوحِّدوه، وأرسلَ إليهم رسُلاً، وشرع لهم شرائعَ تناسِب ما هم عليه، كلُّ أمّةٍ بحَسَب حالها، كما قصَّ الله تعالى عن اليهود: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوْ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام:146]، قال ابنُ كثير رحمه الله: "أي: هذا التضييقُ إنما فعَلناه بهم وألزمناهم به مجازاةً على بغيِهم ومخالفتِهم أوامِرَنا، كما قال الله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [النساء:160]، وَإِنَّا لَصَادِقُونَ أي: عادِلون فيما جازَيناهم به" انتهى كلامه رحمه الله (1) . ثمّ إنّ الله تعالى ختم الشرائعَ بشريعةِ الإسلام التي جاء بها نبيُّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فنسخت ما كان قبلَها، وجعلها الله خاتمةَ الأديان، فجاءت على أكملِ نظامٍ وأحسن إتقان، في جمالٍ وجلالٍ وصَلاحٍ لكلِّ البشريّة والأجيال، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].
ومِن أبرز سِمات هذهِ الشريعة المحمَّديّة الخاتمةِ الوسطيّةُ والاعتدال، وبُنِيت على جَلب المصالحِ ودرء المفاسد والتيسير ودَفع المشقّة، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ [البقرة:185]. وفي وَصفِ من شملته رحمةُ الله من أهل الكتاب: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157] أي: أنه جاء بالتيسير والسماحةِ والرِّفق ورفعِ الحرَج أو الحنيفيّة السَّمحة، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأميرَيه معاذٍ وأبي موسى الأشعريّ رضي الله عنهما لمّا بعثهما إلى اليمَن: « يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعَا ولا تختلِفا » رواه البخاري ومسلم (2) ، وقال صاحبُه أبو برزةَ الأسلميّ رضي الله عنه: « إنّي صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وشهدتُ تيسيره » (3) .
وقد كانتِ الأممُ الذين من قبلِنا في شرائعِهم ضيقٌ عليهم، فوسَّع الله على هذه الأمّة أمورها وسهَّلها لهم.
مِن هذه المبادِئ وغيرها صارت هذه الأمّةُ وسطًا كما قال الله عز وجل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]، قال القرطبي رحمه الله وغيره: "أي: عدولاً خِيارا، والوسَطُ هو الخِيار والأجوَد، كما يقال: قريشٌ أوسطُ العَرب نَسَبًا ودارًا، أي: خيرُها وأفضلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسَطًا في قومه، أي: أشرفَهم نسبًا" (4) .
عبادَ الله، ولما جعَل الله هذه الأمّةَ وسطًا خصَّها بأكملِ الشرائع وأقوم المناهج وأوضحِ المذاهب كما قال تعالى: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [الحج:78].
أيّها المسلمون، لماذا الحديثُ عن الوسطية والسماحةِ في الدين والتشريع؟ لقد مرَّت فِتَن أُشرِبتها قلوبٌ وزلّت فيها أقدام ولاكَتها ألسُنٌ وخطَّتها أقلام ووافقت هوًى عند فِئام، فكانت تبِعاتُها لَديهم اختلالاً في الرُّؤَى واضطرابًا في التفكير، ولا غَروَ فإنّ الظلامَ ينتشر حين يخبو النور، لذا كان لزامًا على أهلِ العلم أن يبيِّنوا ويرشِدوا، وأن يَفهَمَ المسلمون ويُفهَمُوا المعانيَ والمقاصدَ الشرعيّة كما أرادها الله لا كما تفسِّرها أهواءُ البشر، مع أنّنا لا نعاني مِن أزمةِ إقناع بقدرِ ما نعاني من أصحابِ الهوى والأغراضِ ومَن امتلأت قلوبهم بالأمراض، يجرُّون الأمّةَ إلى التّغريب، ويدفعونها عن دينِها دفعًا؛ عن طريق الطّعن في الأسُس والثّوابت، بل تجرَّأ من لا علمَ عندَه على الدين ذاتِه ليفسّرُوه كيفَ شاءوا، وليكيِّفوه على أهوائهم، حتى تجاوَزوا المرجِئةَ في انتقاصِ فرائضِ الدين والجُرأةِ على حدودِ ربِّ العالمين، كما بُليتِ الأمّة بمن يجتزئ الآياتِ ويختزل النصوصَ ويُعمِل فهمَه الخاصّ، فسُفِكت دماءٌ، وأُتلِفَت ممتلكات، وروِّع آمنون، وقُتل مؤمِنون ومستأمنون، ممّا جرَّ على الدينِ وأهله ويلاتٍ ونكَبات، يقول ابنُ القيم رحمه الله: "فما أمرَ الله بأمرٍ إلاَّ وللشّيطان فيه نزغتان؛ إمّا إلى تفريط وإضاعة، وإمّا إلى إفراطٍ وغلوّ، ودينُ الله وسَطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبَلين والهدَى بين ضلالتين والوسطِ بين طرفين ذميمين" انتهى كلامه رحمه الله (5) .
فهديُ الإسلام بعيدٌ عن الغلوّ والتنطُّع وإن حمَلَ عليه رغبةٌ في الخير ومحبَّةٌ في الدين، إلاَّ أنه عملٌ غيرُ رشيد ومنهج غير سديد لمخالفتِه الكتابَ والسنة، وهما الميزان لصحَّة المنهج وسلامة المعتَقَد وصوابِ العمل.
وعلى هذا يُقاس إرادةُ الإصلاح، فكم من مصوِّتٍ: "إنما نحن مصلحون" وهم في حقيقتهم مفسِدون مخرِّبون، في طرفَي النقيضِ يعمَهون، قد اتَّخذت كلُّ طائفةٍ الأخرَى وسيلةً لتبريرِ مواقفها وتمريرِ مخطَّطاتها، والله أعلمُ بما يوعون، طرفٌ يكفِّر المسلمين وطرفٌ يريد من المسلمين أن يكفُروا، أهلُ هَوى، لا يقتَفون أثرَ نبيّ، ولا يؤمِنون بغيث، ولا يعفون عن عَيب، يأخذون بالشّبهات، ويسيرون في الشّهوات، المعروفُ عندَهم ما عرَفوا، والمنكَر ما أنكروا، مفزَعُهم في المعضِلات إلى أنفسِهم، وتعويلُهم في المهمَّات على آرائهم، كأنَّ كلَّ امرِئ منهم إمامُ نفسه، قد أخذ منهم فيما يرى بِعُرًى ثقات وأسبابٍ محكمات، ألا فلتَجِب صيانةُ الدين من عَبث العابثين وإحاطةُ الشريعةِ بسياجٍ يمنَع عنها اللاعبين.
أيّها المسلمون، مقاصدُ الشريعة وحدودُها لم توضَع على مقتضَى تشهِّي العبادِ وأغراضهم، بل هو حُكمُ العليم الخبيرِ الذي هو أعلمُ بمن خلَق وهو اللّطيف الخبير. فالواجبُ المرَدُّ إلى شريعتِه سبحانه، لا إلى أهواء العِباد، ولا إلى ما تُمليه أذهانُ البَشَر أو معارضة الوحيِ بالاستحسانِ والنظر، وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّماَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [المؤمنون:71].
وكما أنَّ الوسَطَ يعني العَدلَ والخيارَ فالوسطيّة لا تعني التوسُّط بين الحقِّ والباطل والإيمانِ والفِسق، الوسطيّةُ لا تَعني التخلِّي عن ثوابتِ الإسلام ومقتضياتِه لأجل الاقترابِ من غيره، الوسطيّةُ لا تعني خَلطَ الأديان أو جمعَ الفضيلةِ مع الرذيلة، كما أنَّ الوسطيةَ لا تعني اطِّراحَ الحقِّ المستمَدِّ من الوحيَين حينَ لا يتَّفق مع الشهواتِ.
رد مع اقتباس

الوسيطه


--------------------------------------------------------------------------------
الوسطيّة
صالح بن محمد آل طالب
ملخص الخطبة
الحكمة من الخلق وتنزيل الشرائع.
الشريعة الخاتمة.
مِن سمات شريعة الإسلام.
سبب الحديث عن الوسطية.
مفهوم الوسطية.
الوسطية هي الإسلام.
واجب المصلحين والإعلاميين والتربويّين.
الخطبة الأولى
أمّا بعد: أيّها المسلمون، أوصيكم ونفسِي بتقوى الله عزّ وجلّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ أي: اجعَلوا بينكم وبين عذابِه وقايةً لكم بفعلِ أوامِره واجتنابِ نواهيه، وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ مستسلمون لله في أمرِه ونهيه، راضون بشرعِه وحُكمه، فمَن التَزَم الإسلامَ بالتّقوى فاز في الدّنيا والأُخْرَى، ومن قلَّ تقواه زَلَّ في وَحلِ الشهوات، ومن لم يستسلِم لله ضلَّ في تيهِ الشبُهات.
وبعد: أيّها المؤمنون، خلق الله البشرَ ليعبدوه، وأورَثهم الأرضَ ليوحِّدوه، وأرسلَ إليهم رسُلاً، وشرع لهم شرائعَ تناسِب ما هم عليه، كلُّ أمّةٍ بحَسَب حالها، كما قصَّ الله تعالى عن اليهود: وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوْ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام:146]، قال ابنُ كثير رحمه الله: "أي: هذا التضييقُ إنما فعَلناه بهم وألزمناهم به مجازاةً على بغيِهم ومخالفتِهم أوامِرَنا، كما قال الله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [النساء:160]، وَإِنَّا لَصَادِقُونَ أي: عادِلون فيما جازَيناهم به" انتهى كلامه رحمه الله (1) . ثمّ إنّ الله تعالى ختم الشرائعَ بشريعةِ الإسلام التي جاء بها نبيُّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، فنسخت ما كان قبلَها، وجعلها الله خاتمةَ الأديان، فجاءت على أكملِ نظامٍ وأحسن إتقان، في جمالٍ وجلالٍ وصَلاحٍ لكلِّ البشريّة والأجيال، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].
ومِن أبرز سِمات هذهِ الشريعة المحمَّديّة الخاتمةِ الوسطيّةُ والاعتدال، وبُنِيت على جَلب المصالحِ ودرء المفاسد والتيسير ودَفع المشقّة، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ [البقرة:185]. وفي وَصفِ من شملته رحمةُ الله من أهل الكتاب: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157] أي: أنه جاء بالتيسير والسماحةِ والرِّفق ورفعِ الحرَج أو الحنيفيّة السَّمحة، كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأميرَيه معاذٍ وأبي موسى الأشعريّ رضي الله عنهما لمّا بعثهما إلى اليمَن: « يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعَا ولا تختلِفا » رواه البخاري ومسلم (2) ، وقال صاحبُه أبو برزةَ الأسلميّ رضي الله عنه: « إنّي صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وشهدتُ تيسيره » (3) .
وقد كانتِ الأممُ الذين من قبلِنا في شرائعِهم ضيقٌ عليهم، فوسَّع الله على هذه الأمّة أمورها وسهَّلها لهم.
مِن هذه المبادِئ وغيرها صارت هذه الأمّةُ وسطًا كما قال الله عز وجل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]، قال القرطبي رحمه الله وغيره: "أي: عدولاً خِيارا، والوسَطُ هو الخِيار والأجوَد، كما يقال: قريشٌ أوسطُ العَرب نَسَبًا ودارًا، أي: خيرُها وأفضلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسَطًا في قومه، أي: أشرفَهم نسبًا" (4) .
عبادَ الله، ولما جعَل الله هذه الأمّةَ وسطًا خصَّها بأكملِ الشرائع وأقوم المناهج وأوضحِ المذاهب كما قال تعالى: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [الحج:78].
أيّها المسلمون، لماذا الحديثُ عن الوسطية والسماحةِ في الدين والتشريع؟ لقد مرَّت فِتَن أُشرِبتها قلوبٌ وزلّت فيها أقدام ولاكَتها ألسُنٌ وخطَّتها أقلام ووافقت هوًى عند فِئام، فكانت تبِعاتُها لَديهم اختلالاً في الرُّؤَى واضطرابًا في التفكير، ولا غَروَ فإنّ الظلامَ ينتشر حين يخبو النور، لذا كان لزامًا على أهلِ العلم أن يبيِّنوا ويرشِدوا، وأن يَفهَمَ المسلمون ويُفهَمُوا المعانيَ والمقاصدَ الشرعيّة كما أرادها الله لا كما تفسِّرها أهواءُ البشر، مع أنّنا لا نعاني مِن أزمةِ إقناع بقدرِ ما نعاني من أصحابِ الهوى والأغراضِ ومَن امتلأت قلوبهم بالأمراض، يجرُّون الأمّةَ إلى التّغريب، ويدفعونها عن دينِها دفعًا؛ عن طريق الطّعن في الأسُس والثّوابت، بل تجرَّأ من لا علمَ عندَه على الدين ذاتِه ليفسّرُوه كيفَ شاءوا، وليكيِّفوه على أهوائهم، حتى تجاوَزوا المرجِئةَ في انتقاصِ فرائضِ الدين والجُرأةِ على حدودِ ربِّ العالمين، كما بُليتِ الأمّة بمن يجتزئ الآياتِ ويختزل النصوصَ ويُعمِل فهمَه الخاصّ، فسُفِكت دماءٌ، وأُتلِفَت ممتلكات، وروِّع آمنون، وقُتل مؤمِنون ومستأمنون، ممّا جرَّ على الدينِ وأهله ويلاتٍ ونكَبات، يقول ابنُ القيم رحمه الله: "فما أمرَ الله بأمرٍ إلاَّ وللشّيطان فيه نزغتان؛ إمّا إلى تفريط وإضاعة، وإمّا إلى إفراطٍ وغلوّ، ودينُ الله وسَطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبَلين والهدَى بين ضلالتين والوسطِ بين طرفين ذميمين" انتهى كلامه رحمه الله (5) .
فهديُ الإسلام بعيدٌ عن الغلوّ والتنطُّع وإن حمَلَ عليه رغبةٌ في الخير ومحبَّةٌ في الدين، إلاَّ أنه عملٌ غيرُ رشيد ومنهج غير سديد لمخالفتِه الكتابَ والسنة، وهما الميزان لصحَّة المنهج وسلامة المعتَقَد وصوابِ العمل.
وعلى هذا يُقاس إرادةُ الإصلاح، فكم من مصوِّتٍ: "إنما نحن مصلحون" وهم في حقيقتهم مفسِدون مخرِّبون، في طرفَي النقيضِ يعمَهون، قد اتَّخذت كلُّ طائفةٍ الأخرَى وسيلةً لتبريرِ مواقفها وتمريرِ مخطَّطاتها، والله أعلمُ بما يوعون، طرفٌ يكفِّر المسلمين وطرفٌ يريد من المسلمين أن يكفُروا، أهلُ هَوى، لا يقتَفون أثرَ نبيّ، ولا يؤمِنون بغيث، ولا يعفون عن عَيب، يأخذون بالشّبهات، ويسيرون في الشّهوات، المعروفُ عندَهم ما عرَفوا، والمنكَر ما أنكروا، مفزَعُهم في المعضِلات إلى أنفسِهم، وتعويلُهم في المهمَّات على آرائهم، كأنَّ كلَّ امرِئ منهم إمامُ نفسه، قد أخذ منهم فيما يرى بِعُرًى ثقات وأسبابٍ محكمات، ألا فلتَجِب صيانةُ الدين من عَبث العابثين وإحاطةُ الشريعةِ بسياجٍ يمنَع عنها اللاعبين.
أيّها المسلمون، مقاصدُ الشريعة وحدودُها لم توضَع على مقتضَى تشهِّي العبادِ وأغراضهم، بل هو حُكمُ العليم الخبيرِ الذي هو أعلمُ بمن خلَق وهو اللّطيف الخبير. فالواجبُ المرَدُّ إلى شريعتِه سبحانه، لا إلى أهواء العِباد، ولا إلى ما تُمليه أذهانُ البَشَر أو معارضة الوحيِ بالاستحسانِ والنظر، وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّماَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [المؤمنون:71].
وكما أنَّ الوسَطَ يعني العَدلَ والخيارَ فالوسطيّة لا تعني التوسُّط بين الحقِّ والباطل والإيمانِ والفِسق، الوسطيّةُ لا تَعني التخلِّي عن ثوابتِ الإسلام ومقتضياتِه لأجل الاقترابِ من غيره، الوسطيّةُ لا تعني خَلطَ الأديان أو جمعَ الفضيلةِ مع الرذيلة، كما أنَّ الوسطيةَ لا تعني اطِّراحَ الحقِّ المستمَدِّ من الوحيَين حينَ لا يتَّفق مع الشهواتِ.
رد مع اقتباس

نشر في : 1:29 م  |  من طرف General

0 التعليقات :



آل الشيخ: مناهجنا وسطية.. وعلى "التربية" وضع كتب لمساعدة المعلمين
--------------------------------------------------------------------------------

عقب افتتاحه ندوة "فهم السنة" بحضور 100 عالم
آل الشيخ: مناهجنا وسطية.. وعلى "التربية" وضع كتب لمساعدة المعلمين


أكد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن مناهج مواد التربية الإسلامية في السعودية جيدة وهي ناشرة للسنة والمذهب المعتدل، مطالباً وزارة التربية والتعليم بوضع كتاب مساند للمعلمين، يشرح فيه آلية شرح المنهج بطريقة وسطى لا غلو ولا تفريط، وبعد عن اجتهادات بعض المعلمين في فهم السنة.
جاء ذلك في تصريح صحافي بعد رعايته لـ "ندوة فهم السنة.. الضوابط والإشكالات" وافتتاحه المعرض المصاحب التي نظمتها شبكة السنة النبوية وعلومها، أمس الأول في فندق مداريم كراون في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 من العلماء والمختصين بالسنة وعلومها، وعدد من الداعيات والمتخصصات في السنة والسيرة النبوية.
فيما ذكر آل الشيخ في كلمة ألقاها في المناسبة أن الاهتمام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة لأزمة لأن البديل عن الاهتمام بالسنة إحياء البدعة، وإننا نشهد الآن هجوما على سنة رسول الله بادعاءات ومزاعم مختلفة، بإثارة شبه جديدة أو شبهات قديمة لاستهداف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطالب وزير الشؤون الإسلامية بفهم صحيح للسنة للأجيال الجديدة، وإحياء علومها لديهم، والاهتمام بعلوم اللغة العربية، لأن الإعراض عن السنة وعلومها قد يكون بسبب ضعف في علوم اللغة العربية، وأن من العيب الكبير أن نجد طالب علم في درسه أو على المنبر يلحن عند حديثه أو في خطبته، ولا يهتم بتعلم اللغة العربية التعلم الصحيح، فكيف يوثق بمن لا يهتم باللغة العربية .
وقال: "أخشى ما أخشاه أن نجد في المستقبل من يسيء فهم القرآن وفهم السنة وفهم كلام علماء الملة، إذا استمر الإهمال في تعليم اللغة العربية وفهمها، وقصرت الإفهام عن فهم لغة القرآن، وإن الاهتمام بالسنة النبوية فرض لازم، لأنها من معنى شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن بديل الاهتمام بالسنة إذا ترك الاهتمام بالفكر، وهذان أمران يزاحم بعضهما بعضا، والتوازن مطلوب، بل هو من متطلبات المرحلة التي نعيشها اليوم".
وبين وزير الشؤون الإسلامية أن الاهتمام بالسنة يحتاج إلى رجال وطلبة علم وعلماء يبذلون الجهود في العناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إسنادا ومتنا وتصحيحا، لأن الشبيبة وطلبة العلم في حاجة ماسة إلى هذه الجهود، وأنهم في حاجة إلى من يحركهم للاهتمام بالسنة وعلومها، وتوجيههم نحو الاهتمام بالعلوم الشرعية.
واعتبر آل شيخ بعض المشايخ والعلماء بارعين في هذا المجال كالشيخ أحمد محمد شاكر والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ ناصر الدين الألباني، وأمثالهم كثير في بلادنا الإسلامية، ولكن بالخصوص أن هؤلاء كان لهم بصمتهم في إحياء السنة بالتأليف والجهود العلمية.
من جانبه، ذكر الدكتور فالح بن محمد الصغير عضو مجلس الشورى والمشرف العام على الندوة على ضرورة فهم السنة النبوية، وأنه لا سبيل إلى تحسين فهمها، وفهم مقاصدها إلا وفق منهج منضبط يجنب الباحثين الزلل في الفهم، والشطط في الاستنباط ويرشدهم إلى سبيل الرشاد، لافتا إلى أن الراسخين في العلم من أبناء هذه الأمة اهتموا بأسس ذلك المنهج وقواعده الكلية.
وقال إن التركيز على هذه الأسس وأمثالها، وإبرازها للدارسين والباحثين وأهل الإسلام عامة يعتبر أمراً في غاية الأهمية، وذلك لما تمثله هذه الأسس من أطر ضابطة للفهم، وراسمة للتصور العام في التعامل مع النصوص، واستنباط الأحكام، وان كان ذلك واضحاً عند سلفنا الصالح فإنه قد يغيب عن كثير من الباحثين والكتاب في عصرنا، فيوقعهم الجهل بها في أخطاء جسيمة، فكان لا بد من الوعي بهذه الأسس حتى ينضبط الفهم ويصح الاستنباط.
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/
 

آل الشيخ: مناهجنا وسطية.. وعلى "التربية" وضع كتب لمساعدة المعلمين



آل الشيخ: مناهجنا وسطية.. وعلى "التربية" وضع كتب لمساعدة المعلمين
--------------------------------------------------------------------------------

عقب افتتاحه ندوة "فهم السنة" بحضور 100 عالم
آل الشيخ: مناهجنا وسطية.. وعلى "التربية" وضع كتب لمساعدة المعلمين


أكد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن مناهج مواد التربية الإسلامية في السعودية جيدة وهي ناشرة للسنة والمذهب المعتدل، مطالباً وزارة التربية والتعليم بوضع كتاب مساند للمعلمين، يشرح فيه آلية شرح المنهج بطريقة وسطى لا غلو ولا تفريط، وبعد عن اجتهادات بعض المعلمين في فهم السنة.
جاء ذلك في تصريح صحافي بعد رعايته لـ "ندوة فهم السنة.. الضوابط والإشكالات" وافتتاحه المعرض المصاحب التي نظمتها شبكة السنة النبوية وعلومها، أمس الأول في فندق مداريم كراون في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 من العلماء والمختصين بالسنة وعلومها، وعدد من الداعيات والمتخصصات في السنة والسيرة النبوية.
فيما ذكر آل الشيخ في كلمة ألقاها في المناسبة أن الاهتمام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة لأزمة لأن البديل عن الاهتمام بالسنة إحياء البدعة، وإننا نشهد الآن هجوما على سنة رسول الله بادعاءات ومزاعم مختلفة، بإثارة شبه جديدة أو شبهات قديمة لاستهداف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطالب وزير الشؤون الإسلامية بفهم صحيح للسنة للأجيال الجديدة، وإحياء علومها لديهم، والاهتمام بعلوم اللغة العربية، لأن الإعراض عن السنة وعلومها قد يكون بسبب ضعف في علوم اللغة العربية، وأن من العيب الكبير أن نجد طالب علم في درسه أو على المنبر يلحن عند حديثه أو في خطبته، ولا يهتم بتعلم اللغة العربية التعلم الصحيح، فكيف يوثق بمن لا يهتم باللغة العربية .
وقال: "أخشى ما أخشاه أن نجد في المستقبل من يسيء فهم القرآن وفهم السنة وفهم كلام علماء الملة، إذا استمر الإهمال في تعليم اللغة العربية وفهمها، وقصرت الإفهام عن فهم لغة القرآن، وإن الاهتمام بالسنة النبوية فرض لازم، لأنها من معنى شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن بديل الاهتمام بالسنة إذا ترك الاهتمام بالفكر، وهذان أمران يزاحم بعضهما بعضا، والتوازن مطلوب، بل هو من متطلبات المرحلة التي نعيشها اليوم".
وبين وزير الشؤون الإسلامية أن الاهتمام بالسنة يحتاج إلى رجال وطلبة علم وعلماء يبذلون الجهود في العناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إسنادا ومتنا وتصحيحا، لأن الشبيبة وطلبة العلم في حاجة ماسة إلى هذه الجهود، وأنهم في حاجة إلى من يحركهم للاهتمام بالسنة وعلومها، وتوجيههم نحو الاهتمام بالعلوم الشرعية.
واعتبر آل شيخ بعض المشايخ والعلماء بارعين في هذا المجال كالشيخ أحمد محمد شاكر والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ ناصر الدين الألباني، وأمثالهم كثير في بلادنا الإسلامية، ولكن بالخصوص أن هؤلاء كان لهم بصمتهم في إحياء السنة بالتأليف والجهود العلمية.
من جانبه، ذكر الدكتور فالح بن محمد الصغير عضو مجلس الشورى والمشرف العام على الندوة على ضرورة فهم السنة النبوية، وأنه لا سبيل إلى تحسين فهمها، وفهم مقاصدها إلا وفق منهج منضبط يجنب الباحثين الزلل في الفهم، والشطط في الاستنباط ويرشدهم إلى سبيل الرشاد، لافتا إلى أن الراسخين في العلم من أبناء هذه الأمة اهتموا بأسس ذلك المنهج وقواعده الكلية.
وقال إن التركيز على هذه الأسس وأمثالها، وإبرازها للدارسين والباحثين وأهل الإسلام عامة يعتبر أمراً في غاية الأهمية، وذلك لما تمثله هذه الأسس من أطر ضابطة للفهم، وراسمة للتصور العام في التعامل مع النصوص، واستنباط الأحكام، وان كان ذلك واضحاً عند سلفنا الصالح فإنه قد يغيب عن كثير من الباحثين والكتاب في عصرنا، فيوقعهم الجهل بها في أخطاء جسيمة، فكان لا بد من الوعي بهذه الأسس حتى ينضبط الفهم ويصح الاستنباط.
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/
 

نشر في : 1:28 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

>>الموقف الحاسِم من الخطر الداهم
--------------------------------------------------------------------------------
الموقف الحاسِم من الخطر الداهم
أسامة بن عبد الله خياط
ملخص الخطبة
نعمة البصيرة في الدين.
المفسدون باسم الإصلاح.
جرائم التفجير والقتل.
واجب المسلم تجاه هذه الجرائم.
دعوة المتورّطين للتوبة.
ضرورة الوحدة والاجتماع.
الخطبة الأولى
أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله حقَّ التقوى، فإنها خيرُ زادٍ لقَطع أشواطِ الحياة بمنأًى عن الزَّللَ وسلامةٍ من الأوزار ونجاةٍ من هَولِ يومٍ تتقلَّب فيه القلوب والأبصار.
أيّها المسلمون، إنَّ مما أنعَم الله به على المؤمنين مِن سابغ النِّعم وما أكرمهم به من جميل العطايا وما حباهم به مِن وافرِ الهباتِ أن جعلَهم على بيِّنةٍ من ربِّهم، أي: على بصيرةٍ ويقين من أمرِ الله ودينه؛ بما أنزل عليهم في كتابه، وبما جاء في سنّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم من الهُدى والعِلم، وبما جبلهم عليه من الفِطَر القويمة الباعِثة على التمييز بين الحقِّ والباطل الحاملةِ على التفريق بين الهُدى والضَّلال، ولذا فإنّهم وقَّافون عند حدودِ الله رجَّاعون إلى الحقِّ كلّما زلّت بهم الأقدام أو مسَّهم طائفٌ من الشيطان فحادُوا عنِ السبيل وجانبوا الصراط. وعلى العكسِ منهم أولئك الذين زُيِّن لهم سوءُ عَمَلهم فرأوه حسنًا وضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسّبون أنهم يحسِنون صنعًا، فإنهم يعيثون في الأرض فسادًا ويزعمُون أنهم مصلحون.
وقد بيَّن سبحانه بُعدَ الشَّأوِ بين الفريقين بقوله: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:14].
وإنَّ من ذلك ـ أي: من تزيين العمل ـ ما وقعَ من أعمالٍ إجراميّة نكراء في مدينةِ الرياض عاصمةِ هذه البلاد الطيِّبة المباركة، وما تلاها في مدينةِ ينبُع، وما سبقهما من أحداثٍ أليمةٍ تقضُّ لها مضاجعُ أولي النهى وتهتزُّ لها أفئدةُ أولي الألباب، لِما أزهِقت فيها من نفوسٍ معصومة، ولِما سُفكت فيها من دماءٍ محرَّمة، ولِما أحدثته من ترويعٍ وخرابٍ للأموال والعمران، وكيف يستقيم هذا الإجرامُ مع قول ربِّنا الأعلى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]؟! وأين من اجتَرأ على هذه الحُرُمات، أين هو من وصيَّة نبيِّ الرحمة والهدى الواردةِ في خطبته -صلى الله عليه وسلم- في حَجَّة الوداع وهي قوله عليه الصلاة والسلام: « فإنّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمةِ يومكم هذا، في بلدكم هذا ـ أي: البلد الحرام، أي: مكّة ـ، في شهركم هذا ـ أي: في شهر ذي الحجة ـ، ألا هل بلغت؟ » قالوا: نعم، قال: « اللهم اشهَد، فلا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضرِب بعضُكم رقابَ بعض »، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيتُه لأمته: «لا ترجِعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض » أخرجه البخاري في صحيحه (1) ؟!
وإذا كان للعقلاءِ مِن تمام الحِرص على إنفاذ وصايا موتاهم ما هو معلوم مشهورٌ، فكيف بوصيّة هذا النبيِّ الذي وصفه ربُّه سبحانه بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]؟! أفلا تستحقُّ وصيَّته الرعايةَ والعِناية والعملَ بما جاء فيها؟! بل أليست هذه الوصيةُ دينًا نتعبَّد اللهَ به لأنّه سبحانه أمرنا بذلك بقوله عزّ اسمُه: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]؟! ثمَّ مَن المنتفِع بهذه الأعمال على الحقيقة؟! أهم المسلمون أم الأعداء؟! وهل حقَّقت لأصحابها شيئًا؟! وكيف يرتضي عاقلٌ لنفسِه أن ينقلِب إلى أداةٍ في يدِ أعدائه وأعداء بلدِه وأمّته، يبلغون بها ما يريدون، وهم موفورون لم يمسسهم سوء؟!
عبادَ الله، إنَّ على كلِّ مؤمن صادقٍ يحذَر الآخرةَ ويرجو رحمةَ ربِّه أن يرفعَ صوتَه بإنكار هذه الأعمال الإجراميّة لأنها محرَّمةٌ بنصوص الكتاب والسنة، ولأنها تعدٍّ لحدود الله وانتهاك لحرماته وعُدوان على عباده، ولأنها فسادٌ نهى الله عنه وأخبرَ أنّه لا يحبُّه، وأنه لا يُصلِح عملَ المفسدين.
وإنَّ على من تلوَّث بأرجاسِ هذا البلاءِ والنُّكر أن يتوبَ إلى الله تعالى قبلَ حلولِ الأجل وهو مقيمٌ على هذا الباطِل الذي لن يَجنِيَ من ورائه ما يحسَب أنه سيحظى به. والسعيدُ ـ يا عبادَ الله ـ من وُعظ بغيره ونأى بنفسه عن كلِّ ما يُفضي به إلى اتِّباع خطواتِ الشيطان وأصاخَ إلى نداء القرآن الذي يدعوه ويدعو المؤمنين كافَّة إلى النجاة بقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 208، 209].
نفعني الله وإيّاكم بهديِ كتابه وبسنَّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه، إنه كان غفّارًا.
الخطبة الثانية
الحمد لله الوليِّ الحميد، الفعّالِ لما يريد، أحمده سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنّ سيِّدنا ونبينا محمَّدًا عبد الله ورسوله، اللهمّ صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فيا عبادَ الله، إنه إذا كانت وَحدةُ الصَّفّ واجتماع الكلمة ونبذُ التفرُّق والاعتصام بحبل الله هو ممَّا أمِرنا به أمرًا عامًّا شاملاً لا يختصُّ بزمانٍ دون غيره، وذلك في قوله سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا الآية [آل عمران: 103]، فإنَّ الأمرَ بهذه الوَحدة والاجتماع القائمَين على توحيد الله تعالى والاعتصام بحَبله أشدُّ تأكُّدًا وأعظم وجوبًا وقتَ النوازلِ وزمنَ الخطوب والشدائِد؛ لما فيها من حُسن المعونة على مواجَهَة الأخطار والتصدِّي للعدوان وإطفاء نار الفتنة.
فاعمَلوا ـ رحمكم الله ـ على الحِفاظ على أسباب اتِّحادكم واجتماعِكم، وكونوا يَدًا واحدة وقلبًا واحدًا في وجهِ هذا الخَطَر الداهِم، وأقِلُّوا من الجَدَل، وأكثِروا من العمَل، فإنّه ما ضلَّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلاَّ أوتُوا الجدَل وسُلِبوا العمل، كما أخبر بذلك وكما ثبَت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بسند جيد (2) .
واحذروا مِن تقديم الأهواء أو النَّزعات أو المصالح الفرديّة على مصالح الدِّين والوطن والأمّة، وإنها لأمانة أفلَحَ من أدّاها على وجهِها وقام بحقوقِها واتَّقى الله فيها.
ألا فاتّقوا الله عبادَ الله، واذكروا على الدّوام أن اللهَ تعالى قد أمركم بالصلاة والسلام على خير الأنام، فقال في أصدقِ الحديث وأحسنِ الكلام: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

خطبة>>الموقف الحاسِم من الخطر الداهم

>>الموقف الحاسِم من الخطر الداهم
--------------------------------------------------------------------------------
الموقف الحاسِم من الخطر الداهم
أسامة بن عبد الله خياط
ملخص الخطبة
نعمة البصيرة في الدين.
المفسدون باسم الإصلاح.
جرائم التفجير والقتل.
واجب المسلم تجاه هذه الجرائم.
دعوة المتورّطين للتوبة.
ضرورة الوحدة والاجتماع.
الخطبة الأولى
أمّا بعد:
فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله حقَّ التقوى، فإنها خيرُ زادٍ لقَطع أشواطِ الحياة بمنأًى عن الزَّللَ وسلامةٍ من الأوزار ونجاةٍ من هَولِ يومٍ تتقلَّب فيه القلوب والأبصار.
أيّها المسلمون، إنَّ مما أنعَم الله به على المؤمنين مِن سابغ النِّعم وما أكرمهم به من جميل العطايا وما حباهم به مِن وافرِ الهباتِ أن جعلَهم على بيِّنةٍ من ربِّهم، أي: على بصيرةٍ ويقين من أمرِ الله ودينه؛ بما أنزل عليهم في كتابه، وبما جاء في سنّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم من الهُدى والعِلم، وبما جبلهم عليه من الفِطَر القويمة الباعِثة على التمييز بين الحقِّ والباطل الحاملةِ على التفريق بين الهُدى والضَّلال، ولذا فإنّهم وقَّافون عند حدودِ الله رجَّاعون إلى الحقِّ كلّما زلّت بهم الأقدام أو مسَّهم طائفٌ من الشيطان فحادُوا عنِ السبيل وجانبوا الصراط. وعلى العكسِ منهم أولئك الذين زُيِّن لهم سوءُ عَمَلهم فرأوه حسنًا وضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسّبون أنهم يحسِنون صنعًا، فإنهم يعيثون في الأرض فسادًا ويزعمُون أنهم مصلحون.
وقد بيَّن سبحانه بُعدَ الشَّأوِ بين الفريقين بقوله: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:14].
وإنَّ من ذلك ـ أي: من تزيين العمل ـ ما وقعَ من أعمالٍ إجراميّة نكراء في مدينةِ الرياض عاصمةِ هذه البلاد الطيِّبة المباركة، وما تلاها في مدينةِ ينبُع، وما سبقهما من أحداثٍ أليمةٍ تقضُّ لها مضاجعُ أولي النهى وتهتزُّ لها أفئدةُ أولي الألباب، لِما أزهِقت فيها من نفوسٍ معصومة، ولِما سُفكت فيها من دماءٍ محرَّمة، ولِما أحدثته من ترويعٍ وخرابٍ للأموال والعمران، وكيف يستقيم هذا الإجرامُ مع قول ربِّنا الأعلى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]؟! وأين من اجتَرأ على هذه الحُرُمات، أين هو من وصيَّة نبيِّ الرحمة والهدى الواردةِ في خطبته -صلى الله عليه وسلم- في حَجَّة الوداع وهي قوله عليه الصلاة والسلام: « فإنّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمةِ يومكم هذا، في بلدكم هذا ـ أي: البلد الحرام، أي: مكّة ـ، في شهركم هذا ـ أي: في شهر ذي الحجة ـ، ألا هل بلغت؟ » قالوا: نعم، قال: « اللهم اشهَد، فلا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضرِب بعضُكم رقابَ بعض »، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيتُه لأمته: «لا ترجِعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض » أخرجه البخاري في صحيحه (1) ؟!
وإذا كان للعقلاءِ مِن تمام الحِرص على إنفاذ وصايا موتاهم ما هو معلوم مشهورٌ، فكيف بوصيّة هذا النبيِّ الذي وصفه ربُّه سبحانه بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]؟! أفلا تستحقُّ وصيَّته الرعايةَ والعِناية والعملَ بما جاء فيها؟! بل أليست هذه الوصيةُ دينًا نتعبَّد اللهَ به لأنّه سبحانه أمرنا بذلك بقوله عزّ اسمُه: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]؟! ثمَّ مَن المنتفِع بهذه الأعمال على الحقيقة؟! أهم المسلمون أم الأعداء؟! وهل حقَّقت لأصحابها شيئًا؟! وكيف يرتضي عاقلٌ لنفسِه أن ينقلِب إلى أداةٍ في يدِ أعدائه وأعداء بلدِه وأمّته، يبلغون بها ما يريدون، وهم موفورون لم يمسسهم سوء؟!
عبادَ الله، إنَّ على كلِّ مؤمن صادقٍ يحذَر الآخرةَ ويرجو رحمةَ ربِّه أن يرفعَ صوتَه بإنكار هذه الأعمال الإجراميّة لأنها محرَّمةٌ بنصوص الكتاب والسنة، ولأنها تعدٍّ لحدود الله وانتهاك لحرماته وعُدوان على عباده، ولأنها فسادٌ نهى الله عنه وأخبرَ أنّه لا يحبُّه، وأنه لا يُصلِح عملَ المفسدين.
وإنَّ على من تلوَّث بأرجاسِ هذا البلاءِ والنُّكر أن يتوبَ إلى الله تعالى قبلَ حلولِ الأجل وهو مقيمٌ على هذا الباطِل الذي لن يَجنِيَ من ورائه ما يحسَب أنه سيحظى به. والسعيدُ ـ يا عبادَ الله ـ من وُعظ بغيره ونأى بنفسه عن كلِّ ما يُفضي به إلى اتِّباع خطواتِ الشيطان وأصاخَ إلى نداء القرآن الذي يدعوه ويدعو المؤمنين كافَّة إلى النجاة بقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 208، 209].
نفعني الله وإيّاكم بهديِ كتابه وبسنَّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه، إنه كان غفّارًا.
الخطبة الثانية
الحمد لله الوليِّ الحميد، الفعّالِ لما يريد، أحمده سبحانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنّ سيِّدنا ونبينا محمَّدًا عبد الله ورسوله، اللهمّ صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فيا عبادَ الله، إنه إذا كانت وَحدةُ الصَّفّ واجتماع الكلمة ونبذُ التفرُّق والاعتصام بحبل الله هو ممَّا أمِرنا به أمرًا عامًّا شاملاً لا يختصُّ بزمانٍ دون غيره، وذلك في قوله سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا الآية [آل عمران: 103]، فإنَّ الأمرَ بهذه الوَحدة والاجتماع القائمَين على توحيد الله تعالى والاعتصام بحَبله أشدُّ تأكُّدًا وأعظم وجوبًا وقتَ النوازلِ وزمنَ الخطوب والشدائِد؛ لما فيها من حُسن المعونة على مواجَهَة الأخطار والتصدِّي للعدوان وإطفاء نار الفتنة.
فاعمَلوا ـ رحمكم الله ـ على الحِفاظ على أسباب اتِّحادكم واجتماعِكم، وكونوا يَدًا واحدة وقلبًا واحدًا في وجهِ هذا الخَطَر الداهِم، وأقِلُّوا من الجَدَل، وأكثِروا من العمَل، فإنّه ما ضلَّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلاَّ أوتُوا الجدَل وسُلِبوا العمل، كما أخبر بذلك وكما ثبَت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بسند جيد (2) .
واحذروا مِن تقديم الأهواء أو النَّزعات أو المصالح الفرديّة على مصالح الدِّين والوطن والأمّة، وإنها لأمانة أفلَحَ من أدّاها على وجهِها وقام بحقوقِها واتَّقى الله فيها.
ألا فاتّقوا الله عبادَ الله، واذكروا على الدّوام أن اللهَ تعالى قد أمركم بالصلاة والسلام على خير الأنام، فقال في أصدقِ الحديث وأحسنِ الكلام: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة...
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:26 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

دعوة عناصر الفئة الضالة إلى التوبة والاستسلام
--------------------------------------------------------------------------------
دعوة عناصر الفئة الضالة إلى التوبة والاستسلام
فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي بتقوى الله عز وجل فتقوى الله تصلح بها الأمور وتشرح بها صدور المسلمين ويحسن الله بها العواقب في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين .
وقال فضيلته عباد الله إن أعظم نعم الله تعالى على العباد دين الإسلام الذي يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام والخير والشر وسبيل الهدى وسبل الردى، وإن أعظم ما يفتن الدين الإسلامي ظهور البدع المضلة التي يرى صاحبها أنه مصيب وهو على ضلال، وتكون البدع المضلة بسبب الجهل قال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون .
وبين فضيلته أن من أسباب البدع المضلة اتباع الهوى وسوء القصد والإرادة والإعراض عن تعلم الحق والعمل به وإعجاب المرء بنفسه ورأيه والبعد عن أهل العلم وعدم سؤالهم عن أمور الدين فإذا اجتمعت هذه الأسباب فقد استحكمت أسباب الشقاوة وتحققت الهلكة إلا أن يمن الله تعالى بتوبة منقذة.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أن البدع حدثت في أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم تصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم « من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً » . فتصدى لها الصحابة ودفعوا في نحورها بالبيان وقوة السلطان حتى ولت مدبرة وانكشفت ظلماتها وحذروا أمة الإسلام منها ففي أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم ظهرت بدعة الخوارج وبدعة القدرية وتتابعت البدع وفي كل زمن يهيئ الله للأمة الإسلامية من ولاة الأمر والعلماء من يطفئ نار الفتن ويقمع البدع فالولاة يطفئون الفتن بقوة السلطان والعلماء بقوة البيان.
وذكر فضيلته أن بعض الناس لا يتحمل الصبر على النعم فيحاربها بأفعاله ويملها بتتابعها فيضر نفسه ويضر غيره قال تعالى أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حوله أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون .
وأضاف الأمن نعمة من الله تعالى ومنة كبرى تتحقق به مصالح الدين، والدين حقه أن يشكر الله عليه ويعبد الرب سبحانه وتعالى ويحاط الأمن ويحفظ من كل احد قال تعالى: فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
وتطرق فضيلته إلى الذين خرجوا على جماعة المسلمين وولاة أمرهم ووجههم بأن يتقوا الله وأن يتفكروا بهذه الأعمال التدميرية الإرهابية التي أفسدت فساداً عريضاً وشوهت الإسلام والدين منها براء فهي إما قتل لنفس العابث بالأمن والله يقول: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً سوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيرا . وأما قتل المواطن أو مقيم مسلم أو قتل لرجل أمن مسلم يسهر على راحتهم والله يقول ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً
وأما قتل لغير مسلم مستأمن قد حفظ الإسلام دمه وماله وحرم ظلمه والاعتداء عليه وأما إتلاف للمال الخاص أو إتلاف للمال العام وأما تخويف وترويع للآمنين وإشاعة الذعر والخوف في المجتمع وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض وكبائر كثيرة لو تدبرها المتدبر لكفته واحدة في النحور عنها.
ودعاهم فضيلة الشيخ الحذيفي بأن يسلموا أنفسهم للسلطات فذلك هو الطريق الصحيح وليس طريق غيره وان يتوبوا إلى الله فإن من تاب تاب الله عليه وعفا عنه قال تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم .
30 صفر 1426 هـ الموافق 09/04/2005م
المصدر : جريدة الرياض
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

خطب لدعاة و مشايخ - مكتوبة

دعوة عناصر الفئة الضالة إلى التوبة والاستسلام
--------------------------------------------------------------------------------
دعوة عناصر الفئة الضالة إلى التوبة والاستسلام
فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي بتقوى الله عز وجل فتقوى الله تصلح بها الأمور وتشرح بها صدور المسلمين ويحسن الله بها العواقب في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين .
وقال فضيلته عباد الله إن أعظم نعم الله تعالى على العباد دين الإسلام الذي يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام والخير والشر وسبيل الهدى وسبل الردى، وإن أعظم ما يفتن الدين الإسلامي ظهور البدع المضلة التي يرى صاحبها أنه مصيب وهو على ضلال، وتكون البدع المضلة بسبب الجهل قال تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون .
وبين فضيلته أن من أسباب البدع المضلة اتباع الهوى وسوء القصد والإرادة والإعراض عن تعلم الحق والعمل به وإعجاب المرء بنفسه ورأيه والبعد عن أهل العلم وعدم سؤالهم عن أمور الدين فإذا اجتمعت هذه الأسباب فقد استحكمت أسباب الشقاوة وتحققت الهلكة إلا أن يمن الله تعالى بتوبة منقذة.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أن البدع حدثت في أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم تصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم « من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً » . فتصدى لها الصحابة ودفعوا في نحورها بالبيان وقوة السلطان حتى ولت مدبرة وانكشفت ظلماتها وحذروا أمة الإسلام منها ففي أواخر عصر الصحابة رضي الله عنهم ظهرت بدعة الخوارج وبدعة القدرية وتتابعت البدع وفي كل زمن يهيئ الله للأمة الإسلامية من ولاة الأمر والعلماء من يطفئ نار الفتن ويقمع البدع فالولاة يطفئون الفتن بقوة السلطان والعلماء بقوة البيان.
وذكر فضيلته أن بعض الناس لا يتحمل الصبر على النعم فيحاربها بأفعاله ويملها بتتابعها فيضر نفسه ويضر غيره قال تعالى أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حوله أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون .
وأضاف الأمن نعمة من الله تعالى ومنة كبرى تتحقق به مصالح الدين، والدين حقه أن يشكر الله عليه ويعبد الرب سبحانه وتعالى ويحاط الأمن ويحفظ من كل احد قال تعالى: فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
وتطرق فضيلته إلى الذين خرجوا على جماعة المسلمين وولاة أمرهم ووجههم بأن يتقوا الله وأن يتفكروا بهذه الأعمال التدميرية الإرهابية التي أفسدت فساداً عريضاً وشوهت الإسلام والدين منها براء فهي إما قتل لنفس العابث بالأمن والله يقول: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً سوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيرا . وأما قتل المواطن أو مقيم مسلم أو قتل لرجل أمن مسلم يسهر على راحتهم والله يقول ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً
وأما قتل لغير مسلم مستأمن قد حفظ الإسلام دمه وماله وحرم ظلمه والاعتداء عليه وأما إتلاف للمال الخاص أو إتلاف للمال العام وأما تخويف وترويع للآمنين وإشاعة الذعر والخوف في المجتمع وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض وكبائر كثيرة لو تدبرها المتدبر لكفته واحدة في النحور عنها.
ودعاهم فضيلة الشيخ الحذيفي بأن يسلموا أنفسهم للسلطات فذلك هو الطريق الصحيح وليس طريق غيره وان يتوبوا إلى الله فإن من تاب تاب الله عليه وعفا عنه قال تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم .
30 صفر 1426 هـ الموافق 09/04/2005م
المصدر : جريدة الرياض
منقول من موقع
السكينه:http://www.asskeenh.com/

نشر في : 1:23 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

الأحد

من اقوال السيدة عائشة رضي الله عنها أفضل النساء التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدى لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.من
للاسف يا اخواني في الفطره الاخيره في عالم 
الفيس بوك
انتشر اكثر من 100 الف صفحه
للنساء العاريات
والنصيبه انهم بتكبسو لايكات والشباب بلاش اكمل
المهم ان شاء الله هيتم الان شرح طريقه قفل الصفحات دي ازاي
قبل الشرح
حابب اقول لشبابنا المسلمين احذر دول مش هنفعوك والله
انا مش هجيب سيرت النساء وكلنا نعلم انهم ناقصين عقل ودين
انا مش عارف افيدكم بالشرح علشان انا بفلاشة نت
ده بحث سريع
الحبث

احذرو يا شباب امة محمد من تلك الصفحات

من اقوال السيدة عائشة رضي الله عنها أفضل النساء التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدى لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.من
للاسف يا اخواني في الفطره الاخيره في عالم 
الفيس بوك
انتشر اكثر من 100 الف صفحه
للنساء العاريات
والنصيبه انهم بتكبسو لايكات والشباب بلاش اكمل
المهم ان شاء الله هيتم الان شرح طريقه قفل الصفحات دي ازاي
قبل الشرح
حابب اقول لشبابنا المسلمين احذر دول مش هنفعوك والله
انا مش هجيب سيرت النساء وكلنا نعلم انهم ناقصين عقل ودين
انا مش عارف افيدكم بالشرح علشان انا بفلاشة نت
ده بحث سريع
الحبث

نشر في : 3:02 م  |  من طرف General

0 التعليقات :

الخميس


BEGIN GalileoFeed.com CODE Version 2.00 -->

الوعي الديني

الوعي الديني


BEGIN GalileoFeed.com CODE Version 2.00 -->

الوعي الديني

نشر في : 11:39 ص  |  من طرف General

0 التعليقات :

تلاوة القرآن الكريم

نشر في : 11:34 ص  |  من طرف General

0 التعليقات :

الأحد



.
.
.
.
المباني تهدم وتنفجر
نساء ورجال واطفال يسفك دماهم
والشرطه ورجال الاسعاف يحولون ان ينقذون
الرجال والاطفال والنساء من تحت الانقاض
ولاكن يفشلون البلاد تحرق والاشجار تدبل والعيون تحزن علي
زوج قد مات
علي طفل لم يوجد
علي زوجه قد انحرقت
ولم يسلم الي مسلم
ولم يوجد الا مذكر باسم الله
اتريدون تعرفو اين وما اسم هذا البلد
انها بلاد لا يذكر فيها اسم الله
ولا يقال فيها صلاه
انها بلاد اليهود
قريبه ان شاء الله
ونلم شملنا في فلسطين
وترجع لنا القدس بكملها
ادعو معي وقولو امين

عاجل



.
.
.
.
المباني تهدم وتنفجر
نساء ورجال واطفال يسفك دماهم
والشرطه ورجال الاسعاف يحولون ان ينقذون
الرجال والاطفال والنساء من تحت الانقاض
ولاكن يفشلون البلاد تحرق والاشجار تدبل والعيون تحزن علي
زوج قد مات
علي طفل لم يوجد
علي زوجه قد انحرقت
ولم يسلم الي مسلم
ولم يوجد الا مذكر باسم الله
اتريدون تعرفو اين وما اسم هذا البلد
انها بلاد لا يذكر فيها اسم الله
ولا يقال فيها صلاه
انها بلاد اليهود
قريبه ان شاء الله
ونلم شملنا في فلسطين
وترجع لنا القدس بكملها
ادعو معي وقولو امين

نشر في : 6:30 ص  |  من طرف General

0 التعليقات :

وصديقيها بالاعتداء بالضرب على زميلهم، كما أحرقت المتهمة العضو الذكري للمجني عليه بسكين ساخن، انتقاماً لاغتصابها، ما أدى إلى وفاة الشاب متأثراً بنزيف شديد في الدماغ.
 
 
وقررت المحكمة برئاسة القاضي السعيد برغوث، تأجيل الجلسة التي تغيّب عنها أحد المتهمين لمغادرته الدولة قبل القبض عليه إلى الشهر المقبل.
وحققت نيابة بر دبي في الاتهامات الموجهة إلى الطلبة الثلاثة، وهم من دولة إفريقية، وتراوح أعمارهم بين 20 و23 عاماً.
وقالت النيابة إنهم «اعتدوا على زميلهم مع سبق الإصرار بأن ضربوه بأحزمة وسكين ساخن بعدما استدرجوه إلى شقة المتهم الثاني بغرض الاعتداء عليه، تأديباً له بدلاً من إبلاغ الشرطة عن واقعة اغتصابه المتهمة»، مضيفة أن المتهمة وضعت سكيناً ساخناً على عضو المجني عليه، وأدى الاعتداء إلى وفاته دون أن يكونوا قاصدين من ذلك قتله، وقد اقترنت جنايتهم بأنهم في الوقت نفسه هتكوا عرض المجني عليه، بعدما خارت قواه بسبب الاعتداء الواقع عليه، وبات عاجزاً عن المقاومة، إذ نزعوا عنه ما تبقى من ملابسه وأحرقوا عضوه تحت تأثير المشروبات الكحولية.
وأفاد الطبيب الشرعي بأن سبب وفاة المجني عليه تتمثل في نزيف دموي في الجمجمة على يمين الدماغ، موضحاً أن الإصابة في الرأس شديدة والنزيف كان خطراً، متابعاً أن «الإصابة على رأس عضو المجني عليه تتماشى مع التلامس بأداة شديدة السخونة».
وقالت المتهمة في إفادتها إنها «ذهبت إلى نادٍ ليلي في فندق بدبي، برفقة المتهمين والمجني عليه، (جميعهم من دولة إفريقية)، وبعد خروجهم من الملهى ذهبوا إلى شقة أحدهم وخلدت إلى النوم، بعدها فوجئت بالمجني عليه جاثماً عليها عارياً من ملابسه وواقعها جنسياً دون رضاها، مستغلاً وقوعها تحت تأثير المشروبات الكحولية».
وأكدت المتهمة عدم رضاها عما فعله بها، وطلبت من صديقيها المتهمين الأول والثاني الاعتداء على المجني عليه والانتقام منه، فاستدرجوه إلى شقة المتهم الثاني، وتحدثت معه في غرفة بمفردهما، بحضور صديقيها داخل الشقة، وسألته عما إذا كان اغتصبها، فأقرّ لها بذلك، فخرجت وأخبرت صديقيها فاعتدوا عليه جميعاً بالصفع على وجهه، واستخدموا حزاماً في ضربه، لكنها أنكرت استخدامها أداة في الواقعة.

محاكمة طالبة في دبي بتهمة حرق "ذكورية" مغتصبها وتعذيبه حتى الموت

وصديقيها بالاعتداء بالضرب على زميلهم، كما أحرقت المتهمة العضو الذكري للمجني عليه بسكين ساخن، انتقاماً لاغتصابها، ما أدى إلى وفاة الشاب متأثراً بنزيف شديد في الدماغ.
 
 
وقررت المحكمة برئاسة القاضي السعيد برغوث، تأجيل الجلسة التي تغيّب عنها أحد المتهمين لمغادرته الدولة قبل القبض عليه إلى الشهر المقبل.
وحققت نيابة بر دبي في الاتهامات الموجهة إلى الطلبة الثلاثة، وهم من دولة إفريقية، وتراوح أعمارهم بين 20 و23 عاماً.
وقالت النيابة إنهم «اعتدوا على زميلهم مع سبق الإصرار بأن ضربوه بأحزمة وسكين ساخن بعدما استدرجوه إلى شقة المتهم الثاني بغرض الاعتداء عليه، تأديباً له بدلاً من إبلاغ الشرطة عن واقعة اغتصابه المتهمة»، مضيفة أن المتهمة وضعت سكيناً ساخناً على عضو المجني عليه، وأدى الاعتداء إلى وفاته دون أن يكونوا قاصدين من ذلك قتله، وقد اقترنت جنايتهم بأنهم في الوقت نفسه هتكوا عرض المجني عليه، بعدما خارت قواه بسبب الاعتداء الواقع عليه، وبات عاجزاً عن المقاومة، إذ نزعوا عنه ما تبقى من ملابسه وأحرقوا عضوه تحت تأثير المشروبات الكحولية.
وأفاد الطبيب الشرعي بأن سبب وفاة المجني عليه تتمثل في نزيف دموي في الجمجمة على يمين الدماغ، موضحاً أن الإصابة في الرأس شديدة والنزيف كان خطراً، متابعاً أن «الإصابة على رأس عضو المجني عليه تتماشى مع التلامس بأداة شديدة السخونة».
وقالت المتهمة في إفادتها إنها «ذهبت إلى نادٍ ليلي في فندق بدبي، برفقة المتهمين والمجني عليه، (جميعهم من دولة إفريقية)، وبعد خروجهم من الملهى ذهبوا إلى شقة أحدهم وخلدت إلى النوم، بعدها فوجئت بالمجني عليه جاثماً عليها عارياً من ملابسه وواقعها جنسياً دون رضاها، مستغلاً وقوعها تحت تأثير المشروبات الكحولية».
وأكدت المتهمة عدم رضاها عما فعله بها، وطلبت من صديقيها المتهمين الأول والثاني الاعتداء على المجني عليه والانتقام منه، فاستدرجوه إلى شقة المتهم الثاني، وتحدثت معه في غرفة بمفردهما، بحضور صديقيها داخل الشقة، وسألته عما إذا كان اغتصبها، فأقرّ لها بذلك، فخرجت وأخبرت صديقيها فاعتدوا عليه جميعاً بالصفع على وجهه، واستخدموا حزاماً في ضربه، لكنها أنكرت استخدامها أداة في الواقعة.

نشر في : 6:09 ص  |  من طرف General

0 التعليقات :

شعارنا


بسم الله الرحمن الرحيم قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) سورة البقرة
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) سورة أل عمران
نرحب بكم بموقع احباب رب العالمين

المتابعون حول العالم


( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) )

الترجمة

back to top